أذهب إليه وأرى بماذا يشير عليّ، فليبق الملك مكانه، وليترقب ما سيأتي به اللاعب بالأفلاك من حجاب الغيب من صور.
وعزم من بعد ذلك على التوجّه إلى حلب، فأخرج معزّ الدين من حريمه قلنسوة قيمتها خمسون ألف دينارا وسلّمها لخازن السلطان؛ وزوده- فوق ذلك- من الأمتعة بما لا حصر له.
حين أصبح معلوما لملوك الشّام أنّ صبح الفلك الملكي قد أشرق على ديارهم/، أرسلوا الأنزال والأحمال لاستقباله، وانطلق الجيش كلّه والناس أجمعون نحوه، وترجّلوا ونالوا شرف تقبيل اليد، وتغنّوا:
قدمت قدوم البدر بيت سعوده (?)
ثم قالوا قدم سلطان العالم إلى بيته وقاعدة ملكه، ونحن إنما نضع كلّ ما لدينا لدفع وحشة الخاطر الأشرف طالما كان في الأجل تأخير وفي جعبة الإمكان سهم، وتالله ليحمينّ حمى نفسه من مداخلة الأفكار المزعجة، وليجعل من أسباب تسكين القلب المحزون قول أمير المؤمنين كرّم الله وجهه:
إن للمحن غايات، وسبيل العاقل أن ينام عنها حتى يتجاوزها، ونظم قابوس الذى قاله زمن انتكاس راية دولته (?):