كما وصل الأمر من الأعتاب السلطانية إلى الصّاحب: أن تعال إلينا، فما حدث إنما كان بسبب المياه التي تجمعت بفعل المطر. قال الصاحب [للأمراء] لا يجوز ترك الأمر مبتورا/، وأرى أن تتصالحوا مع هذا الكلب العقور، وتلزموه بأداء الخراج، وأرسل ليلا إلى «تكور» في السر بزعم أن الأمراء لا علم لهم بشئ، وقال له: كنت دائما أرعى جانبك، وحلت بين السلطان وبين دخول بلادك بضع مرات، وكنت أدافع عنك هذه المرة أيضا. ولكن لأن البحر كان مائجا ورياح السخط عاصفة بسبب أنكم ارتكبتم كل رذيلة وسوء خلق وقت انكسار الجيش في «كوسه داغ»، وما تركتم مجالا لعذر، فقد اضطررت لتجريد الحملة، والأمر هيّن عندي لأنني لو أردت لاستخلصت [المدينة] في ساعة واحدة.

أليس من الأفضل لتكور أن يتقدم بقدم الاستغفار، ويقرع باب الصلح، ويرسل الأحمال إلى الخزانة، لكي أتوسط وأزيل غبار الوحشة من البين؟.

فلما سمع «تكور» هذه الرسالة دبّت فيه الرّوح، وأجاب، ثمّ أرسل رسولا إلى الأمراء بطلب الأمان، وسلّم قلعة «براكنارا» مع بضعة قلاع أخرى لمماليك السلطان، وسيّر خراج الماضى والمستقبل مع الهدايا.

وارتحل الأمراء والعساكر، فبلغوا «أراكلية» بألف حيلة [وبعد عناء شديد] وبقيت الأمتعة والأحمال في الأوحال. فلما لحقوا بخدمة الأعتاب السلطانية، كانت قد مضت سبعة أيام على انتقال السلطان إلى رياض الآخرة، فانهمكوا في العزاء والبكاء. وبعد ثلاثة أيام جرت المشاورة بينهم.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015