والتقّدمات حظيت على الفور بالقبول، وتم تقسيمها في الحال على الخواتين والأمراء الملكيين. وقد تفضل فبالغ في إكرامهم، فصاروا موضع حسد الناس وغبطتهم، ومنح السلطان جعبة سهام، وقربانا وسيفا، وقباء، وقلنسوة مرصعة، وأمرا ملكيا، وجعله نائبا من قبله في البلاد، وحرر بذلك كله أمرا ملكيا، ووهب الملازمين تشريفة خاصة، وندب «سانقسون قرجي» لرد الزّيارة.
ثم إنّهم ودّعوا الخدمة، وانطلقوا إلى بلاد الروم من طريق «شماخي» و «شروان». فزادت سعادة السلطان بوصولهم. ولما كان الصّاحب «مهذّب الدين» قد انتقل إلى جوار الحق- تعالى- أرسل للنائب «شمس الدين» قبل وصوله إلى الحضرة بمنشور الوزارة مضافا إلى إمارة «قيرشهر»، وهو أمر لم يتحقق لأي وزير من وزراء الروم، وتعجل النّائب في إدراك شرف المثول. وتوجه الصّاحب في صحبة الرسل [إلى خدمة السلطان] (?)، وكان كلما وصل إلى مدينة ومر بها أقام أهلها الأفراح، ونصبوا الزينات.
وقد مثل بين يدي السلطان في قرية «قرايوك» من أعمال «آقشهر» قونية، فعرض القضايا التي كانت قد جرت في الذهاب والإياب الواحدة تلو الأخري، ولدى استماع السلطان لأداء الرسالة/، وحسن القيام، وتيسير المرام [تضاعف ما كان لديه من ثقة في كمال حصافة الصّاحب «شمس الدين» وفرط فصاحته ووفرة دهائه] (?). وأعطاه سيفا ذا غمد ذهبي، وقال: كل من يتجاوز حكمة يشقه بذلك السيف نصفين، ولا شئ عليه [ثم إن الصّاحب وسائر الزعماء ورجال الدولة والأكابر] (?) جاءوا في حشد ضخم مع الرّسل إلى قونية، فردّوا من هناك بتكريم وصلات لا حصر لها.