وآب كل منهم إلى ملكه خاسرا خائبا.
وفي أثناء هذه الحالات وصل الخبر بأن السلطان «قلج ارسلان» قد التحق بدار الجنان، وجلس غياث الدين منفردا على مسند الملك، واستوى على العرش.
حين علم الملك ركن الدين في شهور سنة ثمان وثمانين وخمسمائة بوفاة أبيه أشعل القلب بنار احترق بها لفراقه، وبعد شرائط العزاء ولوازم البكاء دفع برسل مسرعين إلى أعوانه وأعضاده حيث تتجمّع الأجناد في الأغوار والأنجاد.
وغادر بنفسه توقات دون أن يصطحب معه جندا، وما كاد يصل إلى آقسرا حتى لحق به جيش ضخم جدا، فبلغ الجميع «قونية» في خدمة ركاب مظلّته الملكية، فشهر أهل «قونية» درع المقاومة في وجوههم، وظل ستون ألفا من حملة الأقواس طيلة أربعة أشهر، وبصورة يومية، مشتبكين في الطّعان والنّزال مع عساكر الملك ركن الدين. وفي النهاية أرسلوا رسولا إلى الملك واصطلحوا على أن ينطلق السلطان غياث الدين مع أبنائه وأتباعه وأشياعه إلى أية ناحية يرتضيها خاطره، ويصل سالما إلى مقصده، ثم يدخل الملك المدينة من بعد ذلك فيبايعه أهلها على الولاء له. فأبرم العهود وفقا لما التمسوه، وأرسلها. فعرضت جميعا في حضرة السلطان، ووقعت منه موقع الحمد والاستحسان، وأمر بأن يذهب اثنان آخران من أهل المدينة ممن لهم علم بظواهر الأمور وبواطنها، إلى حضرة الملك