لما دانت البلاد والممالك- التي كان يقصدها ويتمنّاها السلطان علاء الدين- لغياث الدين، وامتثل أصعب الملوك قيادا لحكمه حملته نخوة الاستعلاء على أن ينشر الرّاية المنصورة، تشبّها بأعمامه الكرام [الذين كانوا سلاطين العصر وقادة الدّهر] (?).
ولأن سلاطين الرّوم قد اصطلحوا على أنهم طالما لم يصبحوا مالكين لملك ميّافارقين ولم يغدوا قاهرين للطّغاة المردة في تلك الدّيار، فلا بد لمظلّتهم أن تبقى مغلقة أبدا. ومن ثّم دعا العساكر إلى قيصرية المحروسة، واستنجد بصاحب «حلب» وملوك «الموصل» و «ماردين» و «الجزيرة».
وكان الملك الغازي قد علم بالأمر قبل ذلك فنهض لتداركه بما له من بصيرة ثاقبة، فدعا إليه الخوارزميّين الذين خلصوا إلى «بغداد» بعد معركة «رأس العين» ولاذوا بحمى «المستنصر بالله» /، وكان زعيمهم ابن أخت السلطان جلال الدين وكان قد انضمّ إليهم قادما من «شيراز» بقوات شرفيّة، كما استدرج الغازي أتراك الكرميانية (?) بالمال والآمال إلى قيد طاعته. وأتم الاحتياط للخندق والسّور والمجانيق والعرّادات، واستعدّ للقتال.
وحين وصلت عساكر الرّوم إلى تخوم «آمد» وحدودها وانضمّ إليهم جند الشّام بقيادة «الملك المعظّم»، توجّهوا صوب «ميّافارقين» تنفيذا للحكم. فلمّا