/ واظب الخوارزميّون بعض الوقت على الالتزام بالحلف والحفاظ على العهد، ثم ما لبثوا أن انحرفوا بوسوسة الشيطان وتلبيس إبليس عن جادّة الطّاعة، وجعلوا نسيان (?) الحقوق مقّدمة لسجلّ العقوق، وعدّوا نهب البرايا وبث الفزع في نفوسهم والغارة عليهم أمرا واجبا.
فاتفق ملوك الشام على تشتيت (?) قطيعهم وتفريق كلمتهم، واستنجدوا بحضرة السلطنة خوفا من أن يلحق بهم العار. فتمّ اختيار ثلاثة آلاف فارس شهير- بأمر (?) السلطان- من «خرتبرت» و «ملطية» و «آبلستان» و «مرعش» المتاخمة لحدود الشام لمؤازرة الشاميين ومعاضدتهم بقيادة ظهير الدين منصور الترجمان. فلحقوا بحلب في مدّة لا تجاوز ستة أيام، ومن ثمّ توجهوا إلى «البيرة» مع صاحب حلب- وكان قد أقام جسرا وأعدّ وسائل العبور- وانضمّوا إلى الملك المنصور صاحب حمص، وكانت قيادة جند الشام منعقدة له.
وانطلقوا بجناح النّجاح وأخفاف التخويف وقوادم الإقدام مصممين على قتال الخوارزمية كأنهم الأفاعي المهتاجة والبلاء النّازل.
وكان الخوارزميون قد دفعوا أمامهم بأرباب الحتوف وعمال السّيوف من أجل إعداد الصّفوف، فلما جاوزت الجنود «رأس العين» بمرحلتين، ظهرت فجأة كوكبة من الخوارزمية فوق أحد التلال، فتعقّبهم الرّجال الشّجعان الأشاوس