كذلك حمل السلطان بالتدليس والدّجل على أن يغيّر لون المظلّة الأسود إلى اللون الأزرق لكي يتناهى إلى علم حضرة الخلافة أن سلطان الرّوم قد شعر بالعار من شعار آل العباس، فأبعد شوب لونهم عن مظلّته، حتى إذا أصاب سهم مكيدته الهدف المطلوب بعد ذلك جعل هذا السبب عكّازا للاعتذار.
كان «سعد الدين كوبك» يريد أن يلقى في قلوب الشاميين الرعب والهلع بطريق الاقتدار وفتح الدّيار والأمصار، فدفع بجند بلاد الرّوم صوب ديار الشام، وحاصر سميساط، ولما لم يكن للملوك الموجودين بها قبل بالمقاومة طلبوا الأمان، وبعثوا برسالة إلى كوبك: «معلوم لدينا أنه لا قبل لأحد بالحرب والنّزاع مع دولة السلطان، وما كانت هذه المقاومة التي أبديناها خلال هذه الأيّام القليلة إلا من كدر أصاب حظّنا المشئوم. فلو أنّ ملك الأمراء أعطانا الأمان، وعهد إلينا بصليب الصّلبوت الذي كان- من قديم- بعهدة أجدادنا في هذه القلعة، وكان المسيحيون من الفرنجة والرّوس والنّصارى والكرج يأتون لزيارته (?) [فيحصل لنا من ذلك من الفتوح ما نتبلّغ به برغم كثرة ما لنا من الأتباع والأشياع والأولاد والحفدة] (?)، ولم يتعرض أحد لأطفالنا وعيالنا؛ فإننا نسلّم القلعة.
فعدّ كوبك إجابة ملتمسهم أمرا لازما، ومنع الجيش من القتال، وكتب عهدا وأرسله. وفي الحال أخلى الملوك القلعة، وأنزلوا متاعهم، ورفعوا الرّاية