وإنّ ابني كيخسرو ذا الوجه الّذي يشبه وجه «منوتشهر» (?) إنما يتحلّى بالآداب السّلطانية، وهو في حلبة هذا المضمار يتمتّع بالسّبق والبروز على إخوانه، وعلى ملوك سائر الديار. ولقد منحته ولاية العهد، وفتحت أمامه باب هذه الدّولة، وأجريت حكمه في الولاية والرعيّة طالما كنت على قيد الحياة، وجعلته وارثا للتاج والخاتم، ونحّيت نفسي جانبا. إنّما عليكم أن تبايعوه، وأن يتبين منكم رسوخ القدم- كالصّخرة الصّماء- على محبّته والولاء له.
فما لبث أعيان الدولة- بعد البكاء والعويل والسّكوت الطّويل- أن رأوا أن الانقياد لأوامر السّلطان من أوجب الواجبات، وقالوا: السلطان غياث الدين بطلنا، وهو عندنا في الظاهر والباطن والغيبة والحضور سواء، نسلك طريق الغلظة والحدّة- كالسّيف والسّنان- مع خصوم دولته. وأضافوا إلى تلك المواثيق من الحلف والأيمان ما لا يمكن لتأويل أن ينقضه عند أهل الإيمان.
وبعد الحلف على درء المخالفة ونصب راية الموافقة، وإحكام أحكام النّصرة والمعاضدة، أقروّه على السلطنة [شعر]:
- جلس السلطان مبارك القدم بيمن القدوم ... فوق عرش السّلطنة في بسيط خطّة الرّوم.
ووقف قادة الأطراف بجوار العرش يمينا ويسارا، وجعل ما لا حصر له من الدّرهم والدينار نثارا، ووصلت الخلع والتّشريفات الثمينة من خزانة السلطنة/ إلى طبقات الأمراء والكبراء، فازداد بذلك النّوال ميل الكافّة، وقضوا في السّرور والطّرب أياما عشرة، ولم يدعوا في شرعة اللهو والطّرب من بقيّة إلا جرعة السّاقي.