فأكرمه السلطان حين ألزمه بذلك، وفوّض إليه زعامة الجيوش، وسيّر في صحبته الجند ومعهم الآلات الحربّية والعتاد والعدّة المزّينة.
فلمّا وصل إلى هناك، قضى مدّة في حصارها، فما ظهر لذلك من أثر، وعمد «قيرخان» وسائر أمراء خوارزم- انطلاقا من الحقد الذي ملأ قلوبهم من جهة الملك الغازي وبدر الدين لولو والملك المنصور صاحب ماردين، لكونهم لم يلتفتوا إلى السلطان جلال الدين عندما لجأ إليهم- عمدوا إلى الإغارة على تلك البلاد، وأشاعوا بها الخراب حتى أبواب «سنجار» حيث أعملوا فيها القتل والسّبي والحرق والنّهب.
وتم إبلاغ الأمر لحضرة السلطان، لكنه كان مصّرا على فتح «آمد»، وأرسل الصاحب شمس الدين الإصبهاني بجيش آخر مع ما لا يدخل في الحصر من مال وعتاد حتى إنه حمل على الجمال برسم المنجنيق حصى مستديرا من الحديد فئة المنّين (?) والثلاثة أمنان والخمسة أمنان، فامتنع ذلك الفتح عليه أيضا، وظلّ خائفا من غضب السلطان [وحلّ فصل الشتاء] (?) فاتّخذوا من ذلك وسيلة لكي يزعموا للحضرة أنّ أمر «آمد» كان لابدّ أن يحسم، لكنّ حلول الشّتاء المفاجئ أضعف من حماس العساكر وحدّ من حركتهم. فنالوا بهذه الوسيلة رخصة التفرّق والعودة، لكنّ السلطان قال: لابدّ لي من مزاولة الأمر ومباشرته بذات نفسي في العام القابل، وأتمّ تلك المهمّة على أكمل وجه. ولما وصل الأمراء إلى الخدمة لم ينطق بعتاب وتجاوز عمّا فات.