رطب اللّسان بقول الله تعالى: وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (?).
وذات يوم قال السلطان: ينبغي الوقوف بكل جدّية أمام جيش الشّام عند الصّبح، ولنفصل في هذا الخصام بحكم الحسام. فأخذوا في التأهّب والاستعداد طول الليل. وفي السّحر حين ركب قائد السيّارات حصان الفلك الأسود، وجرّد في معرض ميدان الأفق الشرقي خنجرا من شعاع جال مسرعا هنا وهناك، لبس السلطان بنفسه لأمة الحرب، وراح الأمراء الكبار بأسرهم في الحديد، وولّوا وجوههم صوب الخصم فرووا السيوف زمنا بأوداج الأعداء.
ولم تكن الحرب العوان قد كشفت عمّن كان النصر معوانا له ومن لحق به الخذلان، ولم يكن الكاسر قد سلب المنكسر كرة الظّفر حتي شوهد فارس أقبل ثم وضع رأسه على الأرض، وقال: أيها المليك، تولت عداك (?) فعند الصبح سلك الملك الكامل مع إخوته طريق الشّام، ففرح السلطان بتلك البشارة.
وأراد الملك الكامل وإخوته الدخول من طريق «دوزخ دره» «وباغنبك»، وكانت العساكر المنصورة تحرس هذين الممرين، فلما بلغوهما وبدا من المتعذّر فتح ثغرة في الحصار المضروب اضطرّوا إلى التّنادي بالمثل القائل «الفرار بقراب أكيس» (?)، واتجهوا إلي طريق حصن «منصور»، فلما بلغوه أضرموا النار في القلعة وخرّبوها، وولّوا وجوههم شطر مصر والقاهرة خوفا من بأس الدولة القاهرة:
وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ (?).