لمّا سمعت «رسودان» ملكة الأبخاز بتوغّل عساكر السلطان وبالنّكسة التي حلّت بالقلاع الواقعة بتخوم بلادها ونجمت في بقاعها بفعل حوافر الخيل الجوّابة التي يمتطيها المقاتلون من بلاد الرّوم، خاصمتها الراحة وجافاها الهدوء والسكينة. وبعد إدارة أقداح الاستشارة رأت المصلحة في أن تدخل من باب الملاطفة والمسالمة مع أرباب الدولة. ومن أجل ذلك فتحت باب المكاتبة مع الأمير كمال الدين، والتمست الأعذار عن ما كانت قد عاينته من خبث أمرائها [بسماحهم لجيش المغول بالتوغّل في بلاد الرّوم] (?)، وأرسلت الأحمال.
وقالت: إني خادمة السلطان، أطيع كلّ من يأمر به وأذعن له، وأغلب الظن أن الرّضا بالعفو لا يكون مقرونا بتخريب بلادي، وأن لا يجيز ملك الأمراء- بما يتمّيز به من كمال الكرم ومحاسن الشّيم- أعمال الظّلم. والمتوقّع من ألطافه الإبقاء على بقايا البلاد، وأن يطلع الأعتاب السلطانية على رغبتنا في الصّلح، وحين تلوح آثار العناية والتعطّف سيتم تأكيدها بطريق المصاهرة والقرابة، إذ يجول بخاطري أن تصبح ابنتي المطهّرة- وهي من صلب سلجوق ومن أصل داود (?) - قرينة لملك الإسلام غيّاث الدّين كيخسرو بحكم ما حصل من جوار بين ديارنا.
فقرن ملك الأمراء كمال الدين- بما عرف عنه من دهاء وحسن إدراك- ملتمس الملكة بالإجابة/، ودعا إليه الجند. ثم أبلغ السلطان بنبأ فتح ثلاثين أو