شهر على هذا المنوال لا همّ له بعد التنّزه إلّا سماع الأوتار وشرب الخمر العذبة.
وذات يوم التفت السلطان جلال الدين إلى كبار رجاله وقال/ «إننا ما أظهرنا يوما تلطّفا مع رسول الروم، وما أدرنا معه [أنخاب] الصّداقة، والرّأي أن نقيم حفلا نسعى فيه إلى تكريمه. فقالوا جميعا بلسان واحد: إنّ عندهم من معدّات الاحتفال ما لا يتيسّر منه المعشار طيلة أعمار لأي سلطان، ولديهم أطعمة لذيذة وخمر ورديّة تزيل الهمّ والحزن، فيجب أن نبقي على هيبتنا ولا يجدر بنا أن نزرع بذرة هذا العبث.
ولمّا طالت مدة إقامة «چاشني گير» تأذّى السلطان علاء الدين لذلك، فأرسل كمال الدين كاميار في مهمّة لكي يتحسّس الأخبار. فلمّا وصل كمال الدين إلى حضرة السلطان جلال الدين، وتجاذب الحديث معه في كل باب، لم يشتمّ رائحة الصّلح من أيّ وجه، فراغ والتمس الإذن بالعودة، فأجابه السلطان لذلك، وردّ ردودا مموّهة حول «أخلاط». وهي أخلاط أباطيل:
تخرّصا وأحاديثا ملفّقة ... ليست بنبع إذا عدّت ولا غرب (?)
[وقال إنّ مدينة أخلاط قد ضاق عليها الحصار، ولا يضيع ما تكبّدناه لمدّة طويلة من تعب ومشقّة] (?). فإن كان قد علق بحاشية الخاطر الكريم للسلطان غبار بسبب ردّ هذه الشّفاعة، فلابد أن يزال بماء تمهيد الأعذار. فعودوا بالسّلامة، وأبلغوا الخدمات المخلصة، وسيقدم رسلنا في أعقابكم، ويأتون