أما إن أعرض عن هذه النّصائح، فالنّصيحة واجبة بحّق الإسلام وطريق الصّيانة للعالم، وعلينا بدورنا أن نعمل بما تقتضيه الآية: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما، فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (?).
ونرى واجبنا جلب المنفعة ودفع الأذيّة، فإذا ما أصابتنا عين لامّة في خضمّ الموقف، نكون قد خرجنا من عهدة أمانة الباري تعالى وتقدّس، وبذلنا المجهود (?) في ذلك. أما إن أطلّ النّصر بطالعه من حجب الغيب فهو المراد، والبادي أظلم.
فلما ودّع الرّسل الخدمة، أمرّ السلطان «ألتونبه چاشني كير» أن يستعد للرّحيل للردّ على [خوارزمشاه] وألّا يبخل ببذل كلّ دقيقة من دقائق الطّنافس والنّفائس.
وأمر بأن ينطلق بصحبته ألف من الفرسان المشاهير الأبطال ممن عرفوا بطول القامة وضخامة الجثّة والوسامة وفرط الشجاعة. فلمّا تمّ تدبير الأمور انطلقوا، وتوجّهوا من الحضرة السلطانية مباشرة إلى الطريق. فلمّا تدانت الخيام، وتمّ إبلاغ السلطان جلال الدين أن رسلا من جانب الروم بقوات شرفيّة، أمر أن يخرج أمراء خوارزم الكبار وأبطال الجيش على جنائب الخاصّ لاستقبالهم.
وامتثالا للحكم التقوا بالأمير «شمس الدين ألتونبه»، ولم يخلّوا بشرائط التعظيم