الإيوان وجاء نظره على السلطان وضع رأسه على الأرض فنهض السلطان وبالغ في إعزازه وتكريمه، وحين دارت الكؤوس بضع دورات أخذ الملك يثب من مكانه بسبب غرور الشباب والشعور بالسّعادة، وترك عنان الكلام في يد اللّسان الذي تنتج منه معظم آفات الروح، وأخذت تصدر عنه كلمات لا ينبغي أن تقال، وحركات لا يصحّ أن تفعل، وكان السلطان يكرمه بجر ذيل العفو على هفواته. وظلّ عشرة أيام يحضر كل يوم في الحفل الملكي الذي تستنير به الدّنيا.
وفي اليوم الحادي عشر أتى الأمير/ «نجم الدين» من قبل السلطان بخزانة يكفي ما بها نفقة ألف ملك، والتمس العذر.
وفي اليوم التالي كتبت على يد «سعد الدين كوبك» الترجمان معاهدة محكمة بخطّ السلطان الذي هو الجوهر المنثور (?)، جاء فيها: طالما أنّ داود شاه يحفظ عهدنا من صميم القلب، ولا يصادق خصومنا، ولا يرسل إلى كل دار من الديار من المكاتبات ما يدلّ على الشّحناء والبغضاء، فلابد أن يشهد من جانبنا المدد والتوفيق والجاه، أما إن باشر خلاف ما تم الاتفّاق عليه وما هو متوقّع منه فسوف يلقى من الجزاء ما يستحقّه. وأرسل المعاهدة إلى الملك وأمره بالانصراف قرير العين إلى عشّه وداره، فقدم في اليوم التالي لوداع السلطان، وتوجّه صوب مستقرّه، وظلّ السلطان مدّة في قيصريّة، ثم انطلق إلى السّاحل.
...