وحين وصل الأمراء الأسرى إلى أعتاب السلطنة حظوا بالمودّة الكاملة والعطف البالغ، وعيّن كل واحد منهم إقطاعات مشبعة مغنية باقتراح «كمال الدين كاميار».
ولمّا سمع الملك علاء الدين أن كبار رجال مملكته قد انتظموا في سلك مماليك دولة السلطنة، وأن التكبّر والغرور قد أخذ من أتباع أولئك الأمراء لذلك كل مأخذ فشرعوا في التحكّم في نّواب أرزنجان والإزراء بهم؛ بلغ به الضيق مبلغا من الحسد والغيرة لذلك فأعدّ- وهو في حالة من الحزن والألم والخوف- من أسباب السفر ما يليق بأبواب السلاطين وما تتم به استمالة خواطر الأكابر من التّحف والهدايا. وانطلق صوب بلاط السلطان، فلما لحق بحدود قيصريّة سارع ضيوف الشّرف الخاصّ لاستقباله، وحملوا إليه الكثير من الأنزال والأحمال.
وفي اليوم التالي خرج السلطان لاستقباله، وحين وقع نظر الملك على مظلّة السلطان، نزل من فوق الحصان، فتقدّم الأمراء بأمر من السلطان وأركبوه ثانية، فلمّا اقترب أراد أن ينزل مرّة أخرى فمنعه السلطان، وتشّرف الملك بتقبيل اليد، وهو على ظهر الحصان، فاحتضنه السلطان، وأخذ يسأله عن المشاقّ التي تكبّدها في الطّريق، فالتمس الأعذار بعبارة عذبة حلوة، وكان السلطان قد تجشّم الركوب متبادلا معه الحديث سائلا إّياه عما طرأ من أحوال.
ولما اقترب من المدينة لوى السلطان العنان صوب «كيقبادية» بينما ذهب هو مع الأمراء وضيوف الشّرف إلى النّزل الذي كانو قد حدّدوه سلفا. فنصبوا خيمة الملك التي كان قد أحضرها معه من «أرزنجان»، وهي ذات حبال حريريّة، وظلّت الموائد ممدودة بأنواع الأطعمة ثلاثة أيام. وفي اليوم الرّابع حمل الأمير «نجم الدين ولد الطّوسى» إلى الملك- بأمر السلطان- عشرة آلاف دينار وحزاما