حين علم ملك الرّوس بفساد حال رجال القبجاق، قال: إنّ جلب البلاء على النّفس وسلوك طريق الحرب مع هؤلاء القوم ذوي المخالب الحادة أمر بعيد عن العقل والكفاءة، وحيثما انتظم الأمر بالشّعر والنّثر كان الّلجوء لسفك الدّماء بالحسام والسّنان فجاجة ونقصا.
فاختار رسولا ذا هيبة وفهم، صحيح العقل، وكتب رسالة تشتمل على ما يلي:
أطال الله في عمر السلطان علاء الدين كيقباد ألف عام. ليكن معلوما لملك الأمراء أنني مذ سمعت أنّ رايات ملك العالم الغالبة وجيشه قد توجّهت إلى هذه/ النواحي، اضطربت الروح في جسدي، وأنا لا أدري ما الأمر؟ ومن الخصم والمنازع؟ فإن كان جيش القبجاق قد وقع بحماقته في الضّلالة، وأهرقوا الكثير من الدّماء الزكيّة على الأرض هدرا، فما أنا إلا مملوك للسلطان، بكلّ إخلاص ويقيني أنكم إن استخلصتم هذه الدّيار بالسيف البتّار فلن يسلم لكم ضبطها وإصلاحها دون قائد، فاعتبروني أنا نفسي المملوك الذي استعملتموه لها.
وإنني أتوقّع من حضرة ملك الأمراء أن يبذل شفاعته في هذا الباب، وأن يرسل للسلطان مبيّنا له خشوع هذا المملوك المسكين وخضوعه.
ثم إنه أرسل الرّسول بتحف كثيرة من الجلود والكتّان الرّوسي وعشرين ألف دينار لملك الأمراء. فلما اقترب السّفير من الجيش، ودقّق النّظر في الجند