وقال: المتوقع من ألطاف ملك الأمراء أن يعود لكي نزيل- بقدر الإمكان- مخالفة التّقصير التي ارتكبناها، ونحن نقدّم الآن خمسين ألف دينار في مقابل الأمان الذي يعطيه لنا هذا الجيش.
فاستبدّ الضّيق بملك الأمراء وسط البحر، وقال: أنا ما جرّدت الجيش لكي أقايض سوق القتال بذهب كاسد، أو يرجح عندي خبط أصحاب الفشل بالقول الفاسد لكلّ رسول وقاصد لإحباط العمل، فحين تلقّيت أمر ملك العالم خضت لجّة البحر بسفينة القلب، فكل من يلوي عنقه عن أمر السلطان لن أجعل طوق عنقه إلا رباق الخذلان. أما من يدخل رأسه في دائرة الطاعة فلن يذوق مني إلا لذّة المن والسلوى. وأعاد الرّسول يائسا. وعبرت العساكر كلّها البحر بالتّوفيق والسّلامة، وحطّت رحالها من الرّطب على اليابسة.
ثم إن الأمير حسام الدين أقام حفلا، وظل إلى منتصف الليل يعطي الطّرب حقّه مع أمراء العساكر. وعند الفجر جاء فارس من الطّليعة وقال: ظهر الجيش الغدّار للتّرك. فلما سمع القائد ذلك أمر بأن ينهض الجيش وأن يرتفع نداء الطّبول ليصل إلى سمع «جبريل» (عليه السلام) ثم قال للقادة: يجب علينا قبل أن تصل إليهم قوّات في ميدان المعركة لمددهم من الرّوس والسّقسين أن نضع على أبداننا الدّرع مكان الكفن، وأن نبذل في مواجهتهم أقصى ما يمكننا من جهة، لكن/ بشرط أن نصطبر حين ينتظم الجيش وتتشكّل الصّفوف وتئنّ الأرواح خشية مفارقة الأشباح (الأبدان)، إلى أن يشن الترك هجومهم الثّاني، فتسكن ريح صولتهم. فإذا ما علمنا طريقة قتالهم حملنا عليهم دفعة واحدة كي نظفر بحسن الذّكر.
ومن الجانب الآخر كان التّرك يقولون: لقد عبر جيش كالنّار بمعونة الهواء