الدين منصور ابن الكافي» التّرجمان و «شمس الدين ولد قمر خراسان» - وكانوا من أواسط الأمراء- يتخافتون فيما بينهم، فقال: ألم يأن لهذا النفر من الاخسّاء أن يخرجوا ريح الفضول من رؤوسهم؟ وأمر أمير العدل بطرد الثلاثة جميعا من الميدان بالصّولجان، وبأن يتعرّض ما في بيوتهم من متاع وزينة للغارة، وأن ينفوا من بلاد الرّوم. فنزلوا «خرتبرت»، فرحّب بهم ملكها، فتلقّى من جانب السلطان عتابا لصنيعه هذا. فانطلقوا من هناك إلى «أخلاط» فاستضافهم «الملك الأشرف» سنتين، ثم إنهم جاءوا إلى بلاد الرّوم بشفاعته، لكنّهم ظلّوا على حالهم من الذلّة والخذلان فقد تبدّد كل ما كان لدى «كمال الدين كاميار» وذهب هباء منثورا ولم يعد له إلا حصان واحد.
وذات يوم خرج السلطان وهو في «علائية» إلى الصيد، فركب كمال الدين في خدمته، وعند الرّجوع وأثناء الصعود إلى القلعة سقط حصانه على الأرض فلم يسع كمال الدين كاميار إلا أن حمل السّرج على ظهره ومضى إلى منزله. فلما وصل السلطان سأل: حصان من هذا؟ فتبسم «نور الدين ابن طلاقي الأخلاطي» وكان من ندماء الخاص، قال السلطان: علام تبتسم؟
أجاب: قد بلغت مني الحيرة كل مبلغ للقول المأثور: «إنه لا يعزّ من عاديت ولا يذل من واليت، ولا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت» (?)، ما كان لكمال الدين كاميار من الدنيا بأسرها إلّا هذا الحصان، فجرى عليه- لكبر سنّه- ما جرى.
فلم يجب السلطان حينذاك، ولمّا نزل استدعى «كمال الدين كاميار»، ومنحه تشريفا خاصا، وألف دينار أحمر وخمسة من البغال غير المسرجة/