مواكب بغداد وإربل (?) ولّى الأمراء وجوههم- وقد ارتدوا الخلع- صوب دار السّلام، ونزلوا من فوق خيولهم، ووضعوا رؤوسهم على الأرض، ورفع قادة الفرق أصواتهم بالدّعاء لأمير المؤمنين والثّناء على ملك العالم.
فلما شاهد رسل أمير المؤمنين والملك مظفّر الدين ذلك التواضع ورأوا حشود العسكر ومهارة الفرسان واستغراقهم التامّ في الذّهب والسلاح قالوا: إن سلطانا نجدته (?) هذا الوقار وهذه العظمة إن قصد بنفسة ملكا فمن ذا الذي ينجو من بأسه وسطوته، وأثنوا ثناء جزيلا على الأمير بهاء الدين وحشوده، وودع كلّ منهم الآخر، ثم انطلقوا آيبين صوب الرّوم.
وحين وصلوا ملطيّة ودخل الأمير بهاء الدين بيته أقام وليمة كبرى، ثم أمر بالانتشار، وأرسل أحد كبار الأمراء في صحبة راية السلطنة، كما أرسل نائبه إلى الحضرة السلطانية واعتذر عن نفسه، ثم ما لبث أن أسرع بعد شهر إلى الدّيوان، ونال شرف تقبيل اليد.
...