العشائر وبيّنهم، وانطلقوا بنظام لم يشهد أحد له نظيرا.
وحين رأى ملوك الديار من «خرتبرت» و «آمد» و «ماردين» و «الموصل» تلك العظمة، عظم قدر السلطان في قلوبهم، فأخذوا في تقديم أنواع الهدايا والضّيافات. وكان الأمير بهاء الدين يبالغ بدوره في احترام الملوك وإكرامهم، كما يوصل إليهم من تشاريف السلطان وإنعاماته ورسائله النّصيب الأوفى.
فلمّا وصل إلى الموصل احتجزه بدر الدين لولو ثلاثة أيام، وقدّم له خلال إقامته من الخدمات ما لا يتسع المقام لوصفه، وفي اليوم الرابع أخذه الأمير بهاء الدين إلى حضرته، فأقام احتفالا شده لفخامته وروعته بدر الدين لولو- برغم ما عرف عنه من علوّ الهمة- فأثنى على السلطان ثناء عاطرا [وقال: قد يستدل على ما للسلطان من كمال الخلال وارتفاع ذروة الشّمائل والخصال بمثل هؤلاء المماليك النّجباء] (?).
ثم إنه كتب رسالة إلى الملك مظفّر الدين (?) أن جيشا هائلا يتقدم من قبل السلطان لنجدة عتبة الإمامة، فإن حدث وتوقّف هذا الجيش هناك فسيتكبد الدّيوان العزيز الكثير من النفقات، لذا بات من الأولى صرفهم لكي يعودوا مسرعين من حيث أتوا. وقد أعد الملك مظفّر الدين الأنزال (?) والتّقدمات وتهيّأ بنفسه للاستقبال، فلمّا رأى الجيش وقائده على هذا النّحو استصوب رأي بدر الدين، وطيّر رسالة على جناح الحمام إلى الدّيوان العزيز، فوصل الجواب من