حين فرغ السلطان من عمارة «العلائية» ثنى عنان الفتح صوب «أنطاليه»، وفي الطريق وقع بصره على قلعة «آلاره»، وكانت قد بنيت وسط سهل فوق حجر صخري ضخم، وبجانبها يجري نهر ذو لون سماويّ وعزم فتّي كنهر النّيل، ومن أعلاها كان على حراسها أن يحنوا ظهورهم لقربها من السماء (?)، ومن أسفلها كان «جبل قاف» يبدو أشد انخفاضا من القيعان.
وكان أخو «كيرفارد» قد أعرض كشحا عن اللذّات الدنيويّة، وتجنّبها واختار سلوك التبتّل (?) وفضّل لبس الصّوف الخشن على الحرير الأطلس.
فأمر السلطان أميرا من أمراء الدولة بأن يسير مع فرقة من العساكر المنصورة إلى قلعة «آلاره» ويقول لحاكم تلك البقعة: إن أخاك- وهو المعروف بالكفاءة والشجاعة- لم يستطع إبقاء قلعة «كلونوروس» بعيدة عن أيدينا، منذ شهر مضى، وأغلب الظن أن الضّعف والعجز الناشئين عن الحصار سيعجّل بأجلك، وأنت رجل عاقل قد ركبك الهمّ من جفاء الأيام؛ ومن ثمّ فإنّ انتهاج جادّة السّلامة يناسب حالك، فإن سلكت طريق الصّواب مثلما فعل أخوك وسلّمت القلعة لمماليكنا تيسّرت لك المآرب والمقاصد، أما إن هممت بمخالفة أحكامنا، فلن تجد شوك هذا الخلاف إلا في عين جهلك.
وما إن أبلغ برسالة السلطان حتّى هاجمه في الحال مرض «القولنج» لما اعتراه من هيبة السّلطنة وما غلب عليه من فزع وجزع، وأسلم حساب العمر والرّوح