اللّدنية. وفي الحال اختار رسولا صادق اللهجة وأرسله إلى الأمير «مبارز الدين أرتقش» - وكانت بينهما صداقة وطيدة بحكم الجوار وتداني المزار- كي يصبح وسيطا، «كي يلتقط شوك هذا الحزن- الذي بلغت آلامه القلب والروح- بملقاط الألطاف من قدم زماننا المضطرب، ويلتمس العفو من حضرة الملك لذنب لم نرتكبه».
فعرض الأمير مبارز الدين القضيّة على السلطان، فبدت أسارير السرور على جبينه المبارك، وقال: إنّ ما يرضيه لابد وأن يكون موافقا لنا. فأبلغ الأمير مبارز الدين الرّسول بحصول المقصود، فأرسل إلى «كيرفارد» قائلا: «إن الرأي أن يفرغ الروح من الفكر، ويجعل دأبه الإذعان لأحكام ملك الزمان، وينزع من قلبه التعلّق بالقلعة، وينشد من الآن الملجأ والملاذ في الظلّ المبارك للملك».
فلما عاد الرسول تبسّم «كيرفارد» تبسّم الربيع، وأرسل رسولا ذرب اللّسان إلى حضرة السلطان كي يسلّم مكتوبا مشتملا على ما سمعه ملك العالم وهو:
كانت هذه الصخرة الصلدة منذ زمن «دارا» و «هوشنج» (?) وعهد الإسكندر وقيصر موطنا لآباء هذا المملوك الذليل وأجداده، وحسرة على أعدائه وأضداده، ولم يزمع أي ملك موفّق حربها، ذلك لأن خالق الكون لم ينشئ على الأرض سماء مثلها، وقد زودت من الذّخائر والمتاع بما يكفي إلى يوم الحساب. غير أنّي حين ألقيت بنظرة من بعيد على المظلة المنصورة اعتورني فتور في الأعضاء وتملكتني غشاوة في نور البصر، واستبدّ الضعف بالقوى/ وبدا هذا الموقع المخيف في عين العقل بئرا لاقرار له، فقلت لنفسي: إنّ مناطحة الصّخر والتّشبث بالرّايات الخفّاقة في العلا مهلكة وضياع، والواجب البحث عن مقر ومفر في