والمتصوّفة والأعيان والإخوان بأعداد كبيرة للغاية للتّرحيب به، ثم توجّه السلطان بنفسه بجيش منظّم تنظيما باهرا (?) لاستقباله. فلما وقع نظره على جمال الشيخ المبارك قال: «ما أشبه هذه الطلعة بوجه من أخذ يفكّ القيد عن قدمي في المنام عشية خلاصي من السجن ويأخذ بيدي كي أركب ويقول: سوف تلازمك همّة عمر بن محمد السّهروردي دائما أبدا».
فلما اقترب أخذ في معانقته ومصافحته، قال الشيخ: ظلّ بال عمر بن محمد السهروردي قلقا من ناحية سلطان الإسلام منذ ليلة السجن؛ والمنّة لله أن دخل حصول ما لا عوض عنه دائرة التيسير قبل حلول ما لابد منه، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ (?)، فبادر السلطان- وهو في غاية الارتياح والانشراح- بعد السّلام وأمسك باليد اليمنى المباركة للشّيخ، وتضاعفت أسباب الاعتقاد، وبلغ في تعظيمه أقصى نهايات الغايات، وأراد أن يفعل ما فعله إبراهيم ابن أدهم (?) حين سلك طريق عيسى بن مريم، وكان الشّيخ يشاهد بنظرته النّورانية أوهام السلطان وخواطره، فيجيب على كل خاطر ويعمل على تسكين البواعث والدّوافع التي استقرت في الطبع منذ يوم «ألست» (?)، ويفسّر قول الحقّ تعالى وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (?) ويقول: «ولكلّ عمل رجال» ويشجّع على