وصلوا رأوا الخيمة الملكية قد ضربت والجيش كلّه قد لبس لأمة الحرب. فلما ظهر الأعراب من إحدى النواحي هرب الجند فقال السلطان: يا كافري النعمة، لئن كان أحد الأمراء قد نكب فلا زال الجيش والسلطان والمظلّة والقائد باقين.

فلما سمعوا هذا العتاب السّام المرير هجموا هجمة رجل واحد، وبقفزة واحدة أحالوا فضاء الصحراء- بدماء الأعراب- مكانا للشّقائق الحمراء، وجعلوا سيل الشّقائق يتدفّق على الزمرّد [الأخضر] السّاكن.

/ فهيّأ الملك الأشرف الصّفوف، وحضّ الجيش على القتال، ثم وقف حيث هو، وقال: إن جاءوا بذلنا ما في وسعنا، وإن رجعوا فهو المراد.

وأمر السلطان بأن يتقدّموا بالدّهليز، ثم ظهرت طليعة لجيش العرب، فلقيت ما لقيه السابقون من جراحات وغارات، فتراجعت، وقالوا للملك الأشرف إن دهاليز السلطان أقيم اليوم مرّتين، ثم نصب ثانية. قال: لعل السلطان يريد القتال والأمراء يرفضون. فلما حلّ الليل تقاعس السلطان قليلا. وظل الأمراء والجند هناك، وبمجرد أن انبلج الفجر تحرّك من ثمّ متوجّها إلى آبلستان.

وحين علم الملك الأشرف برجوع السلطان انصرف بدوره إلى حلب. فلما تأكّد أن السلطان لحق بآبلستان أنهض الجيش وانطلق إلى «مرزبان» و «رعبان»، وبعد حصارهما أنزل محافظي القلعتين، وكان السلطان قد أقامهما هناك، فلما فرغ من المهمّة أطلق سراح أمراء السلطان ومحافظي القلعتين بكل احترام وتبجيل، وولى وجهه شطر حلب، فخلع على أمير المجلس (?) وبقية الأمراء خلعا وقدّم لكل منهم صلة وبعث بهم إلى حضرة السلطان، وانصرف هو إلى دمشق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015