ولا شكّ أن العاملين الثّاني والثّالث قد ساعدا على تضخّم حجم الكتاب حتى بلغت عدّة صفحاته نحو سبعمائة وخمسين صفحة من القطع الكبير (?)، الأمر الذي أدّى بالضّرورة إلى ندرة النّسخ المتاحة أمام المثقّفين المعاصرين للمؤلّف للإفادة به.
هذه العوامل الثّلاثة مجتمعة هي التي حفزت أحد الأدباء في عصر المؤلّف نفسه على النّهوض بتلخيص الكتاب وتهذيبه وتخليصه مما به من فضول وحشو زائد، والاقتصار منه على القدر المناسب من الاستشهادات العربيّة والفارسيّة، والتّركيز- قدر الإمكان- على سياقة الأخبار التاريخيّة دون إطناب أو إطالة، لكي تكون هذه الثّروة النّادرة من المعلومات التّاريخية بمتناول كلّ إنسان.
ولقد أتمّ هذا الأديب الفاضل- والذي ظل اسمه مجهولا لا يعرف إلى وقتنا هذا- عمله الهام في نحو أربعة عشر شهرا، حيث بدأ التّلخيص في شعبان سنة 683، وأتمّه في شوّال سنة 684 هـ (وكان «ابن البيبي» نفسه لا يزال على قيد الحياة) وأطلق على كتابه اسم «مختصر سلجوقنامه»، وكتب في مقدّمته أنّ جماعة من إخوانه لما اشتكوا من كبر حجم كتاب «الأوامر العلائية»: «وبقوا محرومين من مطالعته والإفادة منه تعهّد هذا العبد الضّعيف ... أن يفي .. بمقاصد الكتاب ومغازيه دون إطناب في الأوصاف وإغراق في التّشبيهات، كي يكون كلّ إنسان قادرا على تحصيل نسخة وتحقيق المطلوب، فيصل نفعه لعموم الخلق».