وبالرّجال أعظم حاجةٍ إلى أن يعرفوه ويقفوا عليه، وهو الاحتراس من أن يلقى الخبر السّابق إلى السّمع لأنّه إذا ألقي دخل ذلك الخبر السّابق إلى مقرّه دخولاً سهلاً وصادف موضعاً وطيئاً، وطبيعةً قابلةً. ومتى صادف القلب كذلك رسخ رسوخاً لا حيلة في إزالته. ومتى ألقي إلى الفتيات شيءٌ من أمور الفتيان في وقت الغرارة وعند غلبة الطّبيعة وشباب الشّهوة، وعند قلّة الشّواغل، قوي استحكامه، وصعبت إزالته. وكذلك متى ألقي إلى الفتيان شيءٌ من أمورهنّ وهناك سكر الشّباب. فكذلك يكون حالهم، وإنّ الشّياطين ليخلو أحدهم بالغلام الغرير فيقول له لا يكن الغلام فتىً أبداً حتّى يصادف فتىً. فما الماء البارد العذب بأسرع في طباع العطشان من كلمته إذا كان الغلام أدنى هوىً في الفتوّة. وكذلك إذا خلت العجوز بالجارية الحديثة.
وقيل لابنة الحسن: لم زنيت بعبدك ولم تزن بحرٍّ، وما أغراك به؟ قالت: طول السّواد، وقرب الوساد. ولو أنّ قبح النّاس وجهاً، وأخبثهم نفراً، وأسقطهم همّةً، قال: لامرأةٍ قد تمكن كلامها وأعطته سمعها: والله يا سيّدتي ويا مولاتي، لقد أتعبت قلبي، وأرقت عيني، وشغلتني عن مهمّ أمري، فما أعقل أهلاً ولا مالاً ولا ولداً. لنقض