عرفتها وكرهت أن أعلمه حتّى ظهر عليّ ما كتمت، وغلب عليّ الصّبر، فقال لي: ما لك يا سعيد؟ قلت: خيراً أيّها الأمير!.

قال، فاقترح عليها صوتاً كنت أعلمته أنّي سمعته منها فاستحسنه من غنائها، فغنّته، فقال: هل تعرف هذا الصّوت؟ قلت: أي والله أيّها الأمير، فما تكون المعرفة وقد كنت أطمع في صاحبته! فأمّا الآن فقد يئست منها وكنت كقاتل نفسه بيده، وجالب حتفه إلى حياته. قال: والله يا سعيد ما اشتريتها إلاّّ لك، وما يعلم الله إنّي رأيت لها وجهاً إلاّّ السّاعة التي أدخلت عليّ، وأنا تركتها حتّى استراحت من تعب السّير، وهي لك. . فأكببت على رجليه، ودعوت له بما أمكنني من الدّعاء؛ وشكره عنّي من حضر من الجلساء، وأمر بها فحملت إلى منزلي. فما أحدٌ أحظى عندي منها، ولا لي ولدٌ أحبّ من ولدها.

من أحاديث المؤلّفين: ما حكاه أبو الحسن المدائني، قال: كان بمكّة سفيهٌ يجمع بين النّساء والرّجال على أقبح الرّيب؛ وكان من قريش، ولم يذكر اسمه، قال: فشكا أهل مكّة ذلك إلى الوالي فنفاه إلى عرفات. فأخذ بها منزلاً، ودخل مكّة مستتراً. فلقي حرفاءه من الرّجال والنّساء فقال لهم: وماذا يمنعكم منّي؟ قالوا له: وأين بك وأنت بعرفات! قال لهم: حمارٌ بدرهمين وقد صرتم إلى الأمن والنّزهة والخلوة واللذة. قالوا: نشهد بأنّك صادقٌ. فكانوا يأتونه، فكثر ذلك حتّى أفسد على أهل مكّة أحداثهم وسفهاءهم، فعادوا بالشّكاية على أميرهم، فأرسل وراءه، فأتي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015