فعشقته وأرسلت إليه أن يلقاها قبل خروجه، فجعل يعتذر لها ويعلّلها ولا يرضى أن يخون أباها فيها مع ما فعله معه. وخرج منصرفاً إلى بلده فقالت بنت هرقل لأبيها: ما صنعت بنفسك وجهت أبناء ملوك الرّوم مع ابن ملك العرب؟ لو قد استمكن ممّا أراد غزاك ونزع ملكك. فوجّه إليه الملك بحلّةٍ منسوجةٍ بالذّهب مسمومةٌ فلمّا لبسها تنفط جلده، وتساقط لحمه، فنظر إلى جبلٍ فسأل عنه، فقيل له: اسمه عسيب. فقال:

أجارتنا إنّ المزار قريب ... وإنّي مقيمٌ ما أقام عسيب

أجارتنا إنّا غريبان ههنا ... وكلّ غريبٍ للغريب نسيب

وقيل إنّه قال هذا لأنّه رأى قبراً عند هذا الجبل فسأل عنه فأخبر أنّه قبر امرأةٍ من بنات ملوك الرّوم. فمات هناك.

وممّا فضل به بسطام بن قيس على عامر بن طفيل وعتبة بن الحارث بن شهاب. أنّ بسطاماً كان فارساً عفيفاً جواداً؛ وكان عتبة فارساً عفيفاً بخيلاً؛ وكان عامر فارساً جواداً عاهراً. فاجتمعت في بسطام ثلاث خصالٍ شريفةٍ فبذلك فضلهما بسطام.

قال الشّعبي تنافر عامر بن الطّفيل بن ملك بن جعفر وعلقمة بن علاثة بن الأحوص إلى هرم بن قطبة بن سنان الذّبياني حكيم العرب فقال لعلقمة: بأيّ شيءٍ أنت أسود من عامر؟ قال: أنا بصيرٌ، وهو أعورٌ، وأنا أبو عشرة وهو عقيمٌ، وأنا عفيفٌ وهو عاهرٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015