ما ثمّ إلاّّ أنا والكواكب ... وأمّ عمرو فلنعم الصّاحب
فلمّا رجع إلى أبي ذؤيب استراب به، وقال: والله إنّي لأجد ريح أمّ عمرو منك. ثمّ جعل لا يأتيه إلاّّ استراب به، فقال خالد:
يا قوم ما لي وبي ذؤيب، ... كنت إذا ما جئته من غيب،
يمسّ عطفي، ويشمّ ثوبي، ... كأنّني أربته بريب.
فقال أبو ذؤيب، وهي من قصيدة من جيّد شعره:
دعا خالداً أسرى ليالي نفسه ... يولي على قصد السّبيل أمورها
فلمّا توفّاها الشّباب وغدره، ... وفي النّفس منه غدرها وفجورها
لوى رأسه عنّي، ومال بودّه، ... أغانيج خودٍ كان حيناً يزورها
تعلّقها منه دلال ومقلة ... يظلّ لأصحاب السّفاه يثيرها
فأجابه خالد:
فلا يبعدنّ الله عقلك إن غزا ... وسافر والأحلام جمٌّ غيورها
وكنت إماماً للعشيرة تنتهي ... إليك إذا ضاقت بأمرٍ صدورها
وقاسمها بالله جهداً لأنتم ... ألذّ من الشّكوى إذا ما يسورها
فلم يغن عنه خدعه حين أزمعت ... صريمته والنّفس مرّ ضميرها