فقالوا تمتحن بِهِ أفلاطون فيما يدعي من الفراسة فصوروا صورة بقراط ثُمَّ نهضوا بِهَا إِلَى أفليمون وكانت يونان تحكم الصورة بحيث تحكيها عَلَى الوجه فِي قليل أمرها وكثيره وسبب ذلك أنهم كانوا يعظمون الصورة ويعبدونها فأحكموا لذلك التصوير وكل الأمم تبع لهم فِي ذَلِكَ ويظهر التقصير من التابعين فِي التصوير ظهوراً بيناً فلما حضروا عند أفليمون وقف عَلَى الصورة وتأملها وأنعم النظر فِيهَا ثُمَّ قال هَذَا رجل يحب الزنا وهو لا يدري من هو المصور فقالوا كذبت هَذِهِ صورة بقراط فقال لا بد لعلمي أن يصدق فاسألوه فلما رجعوا إِلَى بقراط أخبروه الخبر فقال صدق أفليمون أحب الزنا ولكنني أملك نفسي.
ولبقراط فِي صدور كتبه وصايا جميلة من التحنن والشفقة عَلَى النوع وتطهير الأخلاق من الكبر والعجب والحسد ولما كَانَتْ كتب بقراط أقدم كتب الطب المنقولة إلينا وهو أشهر الأطباء الَّذِين انتهت إليهم صناعة الطب وَكَانَ بعده فِي الشهرة جالينوس رأيت أن أذكر أول الطب ومن تكلم عَلَيْهِ وَمَا قاله الناس فِي أوليته ثُمَّ أسوقه إِلَى زمن بقراط إن شاء الله تعالى.
اختلف فِي أول من استنبط الطب وَفِي أول الأطباء قال إسحاق بن حنين فِي تاريخه قال قوم ان أهل مصر استخرجوا الطب والسبب فِي ذَلِكَ أن امرأة كَانَتْ بمصر وَكَانَتْ شديدة الحزن والهم مبتلاة بالغيظ ومع ذَلِكَ كَانَتْ ضعيفة المعدة وصدرها مملوء أخلاطاً وَكَانَ حيضها محتبساً فاتفق أن أكلت الراسن بشهوة منها لَهُ فذهب عنها جميع مَا كَانَ بِهَا ورجعت إِلَى صحتها وجميع من كَانَ بِهِ شيء مما بِهَا استعمله وبرأ بِهِ واستعمل الناس التجربة عَلَى سائر الأوجاع.
وقال آخرون أن هرمساً استخرج جميع الصنائع والفلسفة والطب مما استخرجه هو وبعضهم يقول أن أهل قوس ويقال استخرجوها وبعضهم يقول ذَلِكَ أن الأدوية الَّتِي ألفتها القابلة للملك الذي كَانَ لَهَا وبعض يقول المستخرج لَهَا السحرة وقيل أهل بابل وقيل أهل فارس وقيل الهند وقيل اليمن وقيل الصقالبة.
فأما يحيى النحوي الإسكندري فإنه ذكر فِي تاريخه عَلَى الولاء من تولي