وَلَهُ فِي الاصطرلاب وهو حسن:
أفضل مَا أستصحب النبيل وَلَمْ ... يعدلْ بِهِ فِي المُقام والسفر
جرم إِذَا مَا التمست قيمته ... جل عن التبر وهو من صفر
مختصر وهو إِذَا تفتشه ... عن مُلح العلم غير مختصر
ذو مقلة تستبين مَا رمقت ... عن صائب اللحظ صادق الأثر
تحمله وهو حامل فلكاً ... لو لَمْ يدر بالبنان لَمْ يَدر
مسكنه الأرض وهو منبئنا ... عن جل مَا فِي السماء من خبر
أبدعه رب فكرة بعدتْ ... غايتها أن تقاس بالفكر
فاستوجب الشكر والثناء لَهُ ... من كل ذي فطنة من البشر
فهو لذي اللب شاهد عجب ... عَلَى اختلاف العقول والفطر
وإن هَذِهِ الجسوم بائنة ... بقدر مَا أعطيت من الصور
إخوان الصفا وخلان الوفا هؤلاء جماعة اجتمعوا عَلَى تصنيف كتاب فِي أنواع الحكمة الأولى ورتبوه مقالات عدتها إحدى وخمسون مقالة خمسون منها فِي خمسين نوعاً من الحكمة ومقالة حادية وخمسون جامعة لأنواع المقالات عَلَى طريق الاختصار والإيجاز وهي مقالات مشوقات غير مستقصاة ولا ظاهرة الأدلة والاحتجاج وكأننا للتنبيه والإيماء إِلَى المقصود الَّذِي يحصل عَلَيْهِ الطالب لنوع من أنواع الحكمة.
ولما كتم مصنفوها أسماءهم اختلف الناس فِي الَّذِي وضعها فكل قوم قالوا قولاً بطريق الحدس والتخمين فقوم قالوا هي من كلام بعض الأئمة من نسل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه واختلفوا فِي اسم الإمام الواضع لَهَا اختلافاً لا يثبت لَهُ حققة وقال آخرون هي تصنيف بعض متكلمي المعتزلة فِي العصر الأول وَلَمْ أزل شديد البحث والتطلب لذكر مصنفها حَتَّى وقفت عَلَى كلام لأبي