ثُمَّ ترك الشيخ تِلْكَ الأجزاء بَيْنَ يديه وأخذ الكاغد فكان ينظر فِي كل مسألة ويكتب شرحها فكان يكتب فِي كل يوم خمسين ورقة حَتَّى أتى عَلَى جميع الطبيعيات والإلهيات مَا خلا كتابي الحيوان والنبات وابتدأ بالمنطق وكتب منه جزء ثن اتهمه تاج الملك بمكاتبته علاء الدولة فأنكر عَلَيْهِ ذَلِكَ وحث فِي طلبه فدل عَلَيْهِ بعض أعدائه فأخذوه وأدوه إِلَى قلعة يقال لَهَا فردجان وأنشأ هناك قصيدة فِيهَا:
دخولي باليقين كما تراه ... وكل الشيخ فِي أمر الخروج
وبقي فِيهَا أربعة أشهر ثُمَّ قصد علاء الدولة همذان وأخذها وانهزم تاج الملك ومر إِلَى تِلْكَ القلعة بعينها ثُمَّ رجع علاء الدولة همذان وعاد تاج الملك وابن شمس الدولة إِلَى همذان وحملوا معهم الشيخ إِلَى همذان ونزل فِي دار العلوي واشتغل هناك بتصنيف المنطق من كتاب الشفاء وَكَانَ قَدْ صنف بالقلعة. كتاب الهداية ورسالة حي بن يقظان. وكتاب القولنج وأما الأدوية القلبية فإنما صنفها أول وروده إِلَى همذان وَكَانَ تقضي عَلَى هَذَا وملن وتاج الملك فِي أثناء هَذَا يمنيه بمواعيد جميلة ثُمَّ عن للشيخ التوجه إِلَى أصفهان فخرج متنكراً وأنا وأخوه وغلامان معه فِي زي الصوفية إِلَى أن وصلنا إِلَى طبران عَلَى باب أصفهان بعد أن قاسينا شدائد فِي الطريق فاستقبله الأصدقاء أصدقاء الشيخ ندماء الأمير علاء الدولة وخواصه وحمل إِلَيْهِ الثياب والمراكب الخاصة وأنزل فِي محلة يقال لَهَا كون كنبذ فِي دار عبد الله بابا وفيها من الآلات والفرش مَا يحتاج إِلَيْهِ فصادف فِي مجلسه الإكرام والإعزاز الَّذِي يستحقه مثله ثُمَّ رسم الأمير علاء الدولة ليالي الجمعات مجلس النظر بَيْنَ يديه بحضرة سائر العلماء عَلَى اختلاف طبقاتهم والشيخ أبو علي من جملتهم فما كَانَ يطاق فِي شيء من العلوم واشتغل بأصفهان بتتميم كتاب الشفاء وفرغ من المنطق والمجسطي وَكَانَ قَدْ اختصر إقليدس والارثماطيقي والموسيقى وأورد فِي كل كتاب من الرياضيات زيادات رأى أن الحاجة إِلَيْهَا داعية إما ف المجسطي فأورد عشرة أشكال فِي اختلاف النظر وأورد فِي آخر المجسطي فِي علم الهيئة أشياء لَمْ يسبق إِلَيْهَا وأورد فِي إقليدس شبهاً وَفِي الارثماطيقي خواص حسنة وَفِي الموسيقى مسائل غفل عنها الأولون وتم الكتاب المعروف بالشفاء مَا خلا كتابي النبات واليوان فإنه صنفهما فِي السنة الَّتِي توجه فِيهَا علاء الدولة إِلَى