وَقَدْ مر ذكره مع ذكر ابنه الحكم.
أبو الحكم المغربي الأندلسي الحكيم المرسي نزيل دمشق هو الحكيم الأديب تاج الحكماء أبو الحكم عبد الله بن مظفر بن عبد الله المرسي قرأ علوم الأوائل فأجاد وبحر فِي الآداب فأحسن وزاد وطاف فِي الآفاق غرباً وشرقاً وعرافاً وعمر بالأدب نوعاً ونفق أسواقاً ولما دخل العراق وهو مجهول لا يعرف رأى فِي بعض تطوافه بأزقة بغداد رجلاً جالساً عَلَى باب تشعر بالرئاسة لساكنها وبين يديه شاب يقرأ عَلَيْهِ شيئاً من كتاب إقليدس فقرب منهما أبو الحكم ووقف ليسمع فإذا المعلم يهذي بما لا يعلم فرد عَلَيْهِ خطأه وبين غلطه وعلم الشاب الحقيقة فِي الرد فاستوقف أبا الحكم إِلَى أن يعود ودخل الدار وخرج يستدعي أبا الحكم دون المعلم فدخل إلى دار سرية فلقي والد الشاب وهو أحد أمراء الدولة فأحسن ملتقاه ثُمَّ سأله ملازمة ولده فأجاب واطلعه من حكمته عَلَى فصل الخطاب واشتهر ذكر أبي الحكم فقصده الطلبة وارتفع قدره وفيمن قرأ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ العصر النجم بن السري بن الصلاح المشهور المذكور ثُمَّ أنه بعد ذَلِكَ صحب العزيز أبا نصر أحمد بن حامد بن محمد آلة الأصفهاني فجعله طبيب المارستان الَّذِي كَانَ يحمل فِي العسكر السلطاني عَلَى أربعين جملاً وَكَانَ القاضي بن المرخم يحيى بن سعيد الَّذِي صار أقضى القضاة فِي الأيام المقتفية ببغداد طبيباً فِي هَذَا المارستان المذكور المحمول وقصاداً وَكَانَ أبو الحكم يشاركه ويعاني إصلاح مفرداته فِي التركيب والاختيار وَكَانَ كثير الهزل والمزاح شديد المجون والارتياح ولما جرى عَلَى العزيز مَا جرى كره العراق وفارق عَلَى نية قصد المغرب فلما حل بظاهر دمشق سير غلاماً لَهُ ليبتاع منها مَا يأكلونه فِي يومهم وأصحبه نزراً يكفي رجلين فعاد الغلام ومعه شواء وفاكهة وحلواً وفقاع وثلج فنظر أبو الحكم إِلَى مَا جاء بِهِ وقال لَهُ عند استكثاره أوجدت أحادً من معارفاً فقال لا وإنما ابتعت هَذَا بما كَانَ معي وبقيت منه هَذِهِ البقية فقال أبو الحكم هَذَا بلد لا يحل لذي عقل أن يتعداه ودخل وارتاد منزلاً يسكنه وفتح دكان عطار يبيع العطر ويطب وأقام عَلَى ذَلِكَ