السمك فلو كَانَ رزقه من الصيد لوافاه مثل مَا يوافي الصياد. وَكَانَتْ ليوحنا جارية رومية وَكَانَ يأتيها ويعزل عنها فحبلت ثُمَّ ولدت منه جارية لَيْسَ لَهَا إِلاَّ رجل واحدة وهي اليسرى وأذن واحدة وهي اليمنى فقال لَهُ بعض الجماعة ألست كنت تعزل عن هَذِهِ الجارية فقال من العزل حدثت البلية لأني عزلت ثُمَّ عاودت الجماع قبل أن أبول فبقي فِي ذكري شيء من المني فلما عاودت الجماع صارت تِلْكَ الفضلة إِلَى الرحم فقبلها وَلَمْ يكن فِي الفضلة مَا يملأ القالب فخرج الولد ناقصاً وسمع هَذَا القول جماعة من المتطببين فكلهم صوب قوله غير الطيفوري فإنه قال الَّذِي أولد جارية الكشحان بغض غلمانه وهذا القول لَيْسَ بشيء .. واعتل فِي أول سنة سبع عشرة ومائتين صالح بن شيخ بن عميرة بن حيان بن سراقة الأسدي علة مخوفة قال إبراهيم ابن المهدي فأثبته عائداً فوجدته قَدْ أفرق بعض الإفراق فدارت بيننا أحاديث كَانَ منها أن عميرة جده أصيب بأخ لَهُ من أبويه وَلَمْ يخلف ولداً فعظمت عَلَيْهِ المصيبة ثُمَّ ظهر حبل جارية كَانَتْ لَهُ وولدت أنثى بعد وفاته فسرى عن عميرة بعض مَا كَانَ دخله من الغم وحولها إِلَى منزله وقدمها عَلَى ذكور ولده وإناثهم إِلَى أن ترعرعت فرغب لَهَا فِي كفء يزوجها
منه وَكَانَ لا يخطبها أحد إِلَيْهِ إِلاَّ فرغ نفسه للتفتيش عن حسبه ثُمَّ التفتيش عن أخلاقه وَكَانَ بعض من نزع إليها خاطباً ابن عم خالد بن صفوان بن الأهتم التميمي وَكَانَ عميرة عارفاً بنسب الفتى فقال لَهُ يَا بني أما نسبك فلست احتاج إِلَى التفتيش عنه وإنك لكفء لابنة أخي من الشرف ولكنه لا سبيل إِلَى عقدة إِلَى ابنتي دون معرفتي بأخلاق من أعقد لَهُ فإن سهل عَلَيْكَ المقام عندي فِي داري سنة أكشف فِيهَا أخلاقك كما أكشف أخلاق غيرك فأقم فِي الرحب والسعة وغن لَمْ يسهل عَلَيْكَ فانصرف إِلَى أهلك فقد أمرنا بتجهيزك وحمل جميع مَا تحتاج إِلَيْهِ معك فاختار الفتى الإقامة قال صالح بن شيخ فحدثني أبي عن جدي أنه كَانَ لا يبيت إِلاَّ أتاه عن ذَلِكَ الرجل أخلاق متناقضة فواصف لَهُ بأحسن الأمور وواصف بأسمحها فاضطره تناقض أخباره إِلَى التكذيب بكلها فكتب إِلَى خالد أما بعد فإن فلاناً قدم علينا خاطباً لابنة أخيك فلانة بنت فلان فإن كَانَتْ أخلاقه تشاكل حسبه فقيه الرغبة لزوجته والحظ لولي عقد نكاحه فإن رأيت أن تشير عليَّ بما ترى العمل بِهِ فِي ابن عمك وابنة أخيك وأن المستشار مؤتمن فعلت إن شاء الله فكتب إِلَيْهِ خالد قَدْ فهمت كتابك كَانَ أبو ابن عمي هَذَا أحسن أهلي خلقاً وأسمجهم خلقاً وأحسنهم عمن أساء بِهِ صفحاً وأسخاهم كفاً إِلاَّ أنه مبتلي بالدمامة وسماجة الخلق وَكَانَتْ أمه من أحسن خلق الله وجهاً إِلاَّ أنها من سوء الخلق والبخل وقلة العقل عَلَى مَا لا أعرف أحداً عَلَى مثله وابن عمي هَذَا فقد تقبل من أبويه مساويهما وَلَمْ يتقبل شيئاً من محاسنهما فإن رغبت فِي تزويجه عَلَى مَا شرحت لَكَ من خبره فأنت وذلك وغن كرهت رجوت الله بخير لبنت أخينا إن شاء الله قال صالح فلما قرأ جدي الكتاب أمر بإعداد طعام للرجل وحمله عَلَى ناقة مهرية ووكل بِهِ من أخرجه من الكوفة قال إبراهيم فأعجبني وحفظته وَكَانَ اجتيازي فِي منصرفي من عند صالح بن شيخ عَلَى دار هارون ابن إسماعيل بن منصور فدخلت عَلَيْهِ مسلماً وصادفت عنده ابن ماسويه فسألني هارون عن خبري وعمن لقيت فحدثته بمكاني عند صالح فقال قَدْ كنت فِي معادن الأحاديث الطيبة الحسان وسألني هل حفظت عنه حديثاً فحدثته بهذا الحديث فقال يوحنا عَلَيْهِ وعليه إن لَمْ يكن شبه هَذَا الحديث بحديثي وحديث ابني أني بليت بطول الوجه وارتفاع قحف الرأس وعرض الجبين وزرقة العين ورزقت ذكاء وحفظاً لكل مَا يدور فِي مسامعي وَكَانَتْ ابنة الطيفوري زوجتي أمه أحسن أنثى رأيتها وسمعت بِهَا إِلاَّ أنها كانت ورعاء بلهاء لا تعقل مما تقول ولا تفهم مَا يقال لَهَا فتقبل ابنها مسامجها جميعاً وَلَمْ يرزق شيئاً من محاسننا ولولا كثرة فضول السلطان ودخوله فيما لا يعنيه لشرحت ابني ذا حيا مثل مَا كَانَ جالينوس يشرح الناس والقرود فكنت أعرف بتشريحه الأسباب الَّتِي كَانَتْ لَهَا بلادته وأريح الدنيا من خلقته وأكسب أهلها بما أضع فِي كتابي من صنعة تركيب بدنه ومجاري عروقه وأوراده وأعصابه علماً ولكن السلطان يمنع من ذَلِكَ وَكَانَ الشيخ أبو الحسن يوسف الطبيب حاضراً فقال يوحنا وكأني بأبي الحسن يوسف قَدْ حدث الطيفوري وولده بهذا الحديث فألفى لنا شراً ومنازعات ليضحك مما يقع بيننا وَكَانَ الأمر عَلَى مَا توهم وَكَانَ اسم ولد يوحنا من ابنة الطيفوري ماسويه باسم جده وَكَانَ ولداً منحوساً أبله قليل الفطنة وَكَانَ يوحنا يظهر حباً لَهُ متاقاة لجده الطيفوري ويبطن خلاف ذَلِكَ مما ظهر عَلَى لسانه فِي هَذَا المجلس المذكور واتفق أن اعتل ماسويه بن يوحنا بن ماسويه بعد الحديث المتقدم بليال قلائل وَقَدْ ورد رسول المعتصم من دمشق أيام كَانَ بِهَا مع المأمون فِي أشخاص يوحنا بن ماسويه إليه فرأى يوحنا فصد ماسويه ولده ورأى الطيفوري جده لأمه وابناه زكريا ودانيال خلاف مَا رأى يوحنا والده ففصد يوحنا وخرج من ذَلِكَ اليوم إِلَى الشام ومات ماسويه بن يوحنا فِي الثالث من خروج أبيه فكان الطيفوري جده وولداه يحلفون بالله فِي جنازته أن يوحنا تعمد قتله ويستدلون بما حكاه لهم أبو الحسن يوسف من كلامه فِي منزل هارون بن إسماعيل. منه وَكَانَ لا يخطبها أحد إِلَيْهِ إِلاَّ فرغ نفسه للتفتيش عن حسبه ثُمَّ التفتيش عن أخلاقه وَكَانَ بعض من نزع إليها خاطباً ابن عم خالد بن صفوان بن الأهتم التميمي وَكَانَ عميرة عارفاً بنسب الفتى فقال لَهُ يَا بني أما نسبك فلست احتاج إِلَى التفتيش عنه وإنك لكفء لابنة أخي من الشرف ولكنه لا سبيل إِلَى عقدة إِلَى ابنتي دون معرفتي بأخلاق من أعقد لَهُ فإن سهل عَلَيْكَ المقام عندي فِي داري سنة أكشف فِيهَا أخلاقك كما أكشف أخلاق غيرك فأقم فِي الرحب والسعة وغن لَمْ يسهل عَلَيْكَ فانصرف إِلَى أهلك فقد أمرنا بتجهيزك وحمل جميع مَا تحتاج إِلَيْهِ معك فاختار الفتى الإقامة قال صالح بن شيخ فحدثني أبي عن جدي أنه كَانَ لا يبيت إِلاَّ أتاه عن ذَلِكَ الرجل أخلاق متناقضة فواصف لَهُ بأحسن الأمور وواصف بأسمحها فاضطره تناقض أخباره إِلَى التكذيب بكلها فكتب إِلَى خالد أما بعد فإن فلاناً قدم علينا خاطباً لابنة أخيك فلانة بنت فلان فإن كَانَتْ أخلاقه تشاكل حسبه فقيه الرغبة لزوجته والحظ لولي عقد نكاحه فإن رأيت أن تشير عليَّ بما ترى العمل بِهِ فِي ابن عمك وابنة أخيك وأن المستشار