الحبشة والصقالبة وبلادهم وطباعهم متضادة يغتذي كل سهم بالأغذية الحارة اليابسة ويشربون الخمر ويتفلفلون بالمسك والعنبر ووجب أن يجرى فيهم عَلَى خلاف هَذَا التدبير عَلَى أنه لَيْسَ للشيخ أن يقول أن الصقالبة يستعملونه دواء والحبشة غذاء ذَلِكَ للمضادة وهذا للمشابهة لئلا يلزمه أن يستعمل مثل ذَلِكَ فِي الصيف والشتاء فنسبة الصيف إِلَى بلاد الحبشة نسبة الشتاء إِلَى بلاد الصقالبة ونحن نرى أن الأمر يجري عَلَى خلاف هَذَا لأنا تستعمل فِي الصيف الأغذية الباردة وَفِي الشتاء الأغذية الحارة وَفِي هَذَا أيضاً شك عَلَى اغتذائها فِي الشتاء بالأغذية الحارة والحر كامن فينا وَفِي الصيف الأغذية الباردة والبرد فِي الباطن مستول علينا لانفشاش الحرارة من مسامنا وهذا ضد قانون الصناعة وأطرف من كون الغذاء حاراً مع كون أجوافنا فِي الشتاء حارة خروج البول أبيض وحدود الأمراض البلغمية وخروج البول نضحاً فِي الصيف وحدوث الأمراض الصفراوية مع برد أجوافنا فِي الصيف.
والمسألة الثانية .. لم صار الإنسان بما نام وهو حاقن فرأى كأنه يبول فلا يبول وانتبه وَقَدْ حضرته البولة للخروج فنهض فبال ثُمَّ أنه بري ذَلِكَ الإنسان فِي منامه أنه يجامع فلا يتملك حَتَّى ينزل فينتبه وَقَدْ أفرغ منيه فِي ثوبه ليت شعري مَا الَّذِي منع البول من الخروج عَلَى حدته وأمهله إِلَى الانتباه مع كثرته وأرسل المني عَلَى قلته وحضره فِي المنام فلم يمهله إِلَى الانتباه وهما جميعاً فضلتان وهذه المسألة وغن كَانَتْ حقيرة فهي نافعة فِي كشف منتحلي هَذِهِ الصناعة وَقَدْ ذكرناها فِي الدعوة الطبية.
المسألة الثالثة .. تتعلق بالسماع الطبيعي لأني عرفت أن الشيخ نشر هَذَا الكتاب وتجري هكذا أرسطوطاليس حد المكان بأنه نهاية الجسم الحاوي المقعرة المماسة لنهاية الجسم المحو المحدبة وهذا حد لا ريب فِيهِ إِلاَّ أنه يلزم منه إحدى ثلاث شناعات إما أن يكون خارج العالم مكاناً فيلزم المضي إِلَى مَا لا نهاية أَوْ يكون حركة فِي المكان لا فِي مكان فيلزم من ذَلِكَ اجتماع النقيضين معاً وإما أن يكون أرسطوطاليس ومعاذ الله غلط فِي حد المكان وإما كَيْفَ ذَلِكَ فيجري هكذا الفلك المحيط يتحرك بأجزائه الخارجة لأن كل جزء منه يأخذ من نقطة ويعود إليها ولنفرض جزءاً من أجزائه الخارجة متحركاً وتنظر هَذَا الجزء إِذَا تحرك فإنه لا يخلو إما أن يكون خارجه مكاناً