واتفق أن قال لأفلاطون هلا ترى فِي أصحابي سعيداً وظن أن أفلاطون سيقول بحضور الجمع أنك سعيد فيحصل لَهُ بهذا القول مرتبة توجب لَهُ الاستحقاق لما تغلب عَلَيْهِ فقال لَهُ أفلاطون غير محاش لَهُ لَيْسَ فِي أصحابك سعيد فسأله بعد ذَلِكَ وقال فهل ترى أنه كَانَ من القدماء سعيد فقال كَانَ فيهم سعداء غير مشهوريين وأشقياء اشتهروا وعناه بذلك فأسرها الجبار وَلَمْ يبدها لَهُ ثُمَّ قال لَهُ الجبار فأراك علي هَذَا القول لا ترى أن أرقليس من أهل السعادة أيضاً وأرقليس هَذَا كَانَ شاعراً من شعراء يونان وَكَانَ قَدْ عمل أشعاراً وذكر فِيهَا هَذَا الجبار ووصفه ولحّن تِلْكَ الأشعار وجعلها فِي هياكل جزيرة صقلية يذكر بِهَا فِي كل وقت وَكَانَ هَذَا الجبار يعظم الشعر والشعراء لأجل ذَلِكَ يثبت لمدحه أصلاً فقال لَهُ أفلاطون مجيباً عن سؤاله أن كنا ترى أن أرقليس كَانَ كالذي ينبغي أن يكون من كَانَ من نسل أذيا يعني المشترى فباضطرار ينبغي أن تظن بِهِ أنه سعيد وأما إِن كَانَ كما وصفتموه أنتم معاشر الشعراء وَكَانَتْ سيرته عَلَى مَا تذكرون فإنه عندي من الأشقياء وذوي رداءة البخت فلما سمع ذبونوسيوس الجبار منه هَذَا القول لَمْ يحتمل جرأته وأمر بِهِ فدفع إِلَى بوليذس الَّذِي كَانَ من أهل الاقاذامونيا وَكَانَ قَدْ وفد عَلَى هَذَا الجبار ليهادنه عَلَى بلاده وأمره الجبار بقتل أفلاطون فأخذه بوليذ وذهب بِهِ إِلَى أثينا مدينته وأبقى عَلَيْهِ وَلَمْ يقتله وباعه من رجل من أهل النهروان اسمه أناقرس وَكَانَ هَذَا الرجل يحب أفلاطون وينشبه بأخلاقه وإن لَمْ يره قبل ذَلِكَ وإنما كَانَ يسمع مَا يُنقل إِلَيْهِ من أخباره وَكَانَ الثمن الَّذِي ابتاعه بِهِ ثلاثين مناقضة وَكَانَ لذيونوسيوس الجبار نسيب اسمه ذيون قَدْ حضر مجالس أفلاطون بصقلية وسمع كلامه ومال إِلَيْهِ كل ميل ولما سمع مَا جرى عَلَى أفلاطون عزّ عَلَيْهِ وَلَمْ يمكنه مجاهرة الجبار فسيَّر فِي السر ثمن أفلاطون وهو ثلاثون مناً إِلَى النهرواني مبتاعه وسأل بيعه منه فلم يفعل النهرواني ذَلِكَ وقال هَذَا حكيم مطلق لنفسه وإنما وزنت المال لأنقذه من أسره وسيصير إِلَى بلاده فِي سلامة وخير فلما سمع ذيون نسيب الجبار هَذَا القول استرجع الثمن وسيره إِلَى أقاذاميا واشترى بِهِ بساتين هناك ووهبها لأفلاطون فمنها كَانَتْ معيشته مدة حياته ولما تحقق ذيونزسيوس خلاص أفلاطون وسلامته ندم
عَلَى فعله وتحيل