ورجع من حجه إِلَى بلده بروح إِلَى محل العبادة ويغدو ويكتم أسراره ولا بد أن تبدو وَكَانَ عديم القرين فِي علم النجوم والحكمة وبه يضرب المثل فِي هَذِهِ الأنواع لو رزق العصمة وَلَهُ شعر طائر تظهر خفياته عَلَى خوافيه وتكدر عرق قصده كدر خافيه فمنه:

إِذَا رضيت نفسي بميسور بلغة ... يحصلها بالكد كفي وساعدي

أمنت تصاريف الحوادث كلها ... فكن يَا زماني موعدي أَوْ مواعدي

أليس قضي الأفلاك من دورها بأن ... تعيد إِلَى نحس جميع المساعد

فيا نفس صبراً عن مقيلك إنما ... تخر ذراه بانقضاض القواعد

عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح أبو القاسم ولد الوزير إمام فِي فنون متعددة سمع الحديث الكثير ورواه وحضر مجلس روايته أجلاء الناس وَكَانَ قيماً يعلم الأوائل قرأ المنطق عَلَى يحيى بن عدي وأكثر الأخذ عنه وتحقق بِهِ وأفاد جماعة من الطلبة وناظر وحقق وسئل فِيهِ فأجاب أجوبة سادة لَمْ يخرج فِيهَا عن طريقة القوم ورأيت نسخة من السماع الطبيعي الَّتِي قرأها عَلَى يحيى بن عدي شرح يحيى النحوي وهي فِي غاية الجودة والحسن والتحقيق وَكَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا حواشٍ حصلت بالمناظرة حالة القراءة وهي يخطه وَكَانَ أشبه شيء يخط أبي علي بن مقلة فِي القوة والجران والطريقة وَكَانَتْ هَذِهِ النسخة فِي عشرة مجلدات كبار وَقَدْ حشاها بعد ذَلِكَ جورجيس اليبرودي بشرح ثامسطيوس للكتاب وَقَدْ كَانَ عيسى بن علي هَذَا تقدم فِي الدولة وخدم بعض الخلفاء كتابة وتوفي ببغداد فِي سحرة يوم الجمعة لليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة.

عيسى بن أبي زرعة بن إسحاق بن زرعة بن مرقس بن زرعة بن يوحنا أبو علي النصراني المنطقي أحد المتقدمين فِي علم المنطق والفلسفة وأحد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015