إِلَى باب خربة الهراس والقاتلان تابعان لَهُ فبصر بهما واحد وصاح خذوهما فعاد إِلَيْهِ وقتلاه وجرحا النقاط الَّذِي كَانَ بن يدي الحكيم وحمل الحكيم إِلَى منزله ميتاً ودفن بداره فِي ليلته ونفذ من البدرية من حفظ داره وكذلك من دار الوزير لأجل الودائع الَّتِي كَانَتْ عنده للحرم والحشم الخاص وبحث عن القاتلين فعرفا فأمر بالقبض عليهما وتولى القبض والبحث إبراهيم بن جميل بمفرده وحملهما إِلَى منزله ولما كَانَ فِي بمرة تِلْكَ الليلة أخرجا إِلَى موضع القتل وشق بطناهما وصلبا عَلَى باب المذبح المحاذي لباب الغلة الَّتِي حرج بِهَا الحكيم وَكَانَ قتله وموته فِي ليلة الخميس ثامن عشر جمادى الأولى سنة عشرين وستمائة.
صاعد بن هبة الله بن المؤمل أبو الحسين النصراني الحظيري المتطبب أصله من الحظيرة ونزل بغداد وَكَانَ اسمه أيضاً ماري وهو من أسماء الكنيسة عند النصارى فإنهم يسمون أولادهم عند الولادة بأسماء فإذا أعمدوهم سموهم عند المعمودية باسم من أسماء الصالحين منهم خدم أبو الحسين هَذَا بالدار العزيزة الناصرة وتقرب قرباً كثيراً وكسب بخدمته وصحبته الأموال وَكَانَتْ لَهُ الحرمة الوافرة وَلَهُ معرفة تامة بالمنطق والفلسفة وأنواع الحكمة وَكَانَ فِيهِ كبر وحمق وتيه وينسب إِلَى ظلم مفرط وَلَمْ يزل عَلَى أمره ينسخ بخطه كتب الحكمة ويتصرف فيما هو بصدده من الطب وَعَلَى حالته فِي القرب إِلَى أن مات فِي يوم العشرين من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمسمائة ببغداد.
صالح بن بهلة الهندي طبيب مذكور فِي أيام الرشيد هندي الطب حسن الإصابة فيما يعانيه ويخبر بِهِ من تقدمه بالمعرفة عَلَى طريق الهند ومن عجيب مَا جرى لَهُ أن الرشيد فِي بعض الأيام قدمت لَهُ الموائد فطلب جبرائيل بن بختيشوع ليحضر أكله عَلَى عادته فِي ذَلِكَ فطلب فلم يوجد فلعنه الرشيد وبينما هو فِي لعنته إذ دخل عَلَيْهِ فقال لَهُ إِن اشتغل أمير المؤمنين بالبكاء عَلَى ابن عمه إبراهيم بن صالح وترك تناولي بالسب كَانَ أشبه فسأله عن خبر إبراهيم فأعلمه أنه خلفه وبه رمق ينقضي آخره وقت صلاة العتمة فاشتد جزع الرشيد من ذَلِكَ وأمر بدفع الموائد وكثر بكاؤه فقال جعفر بن يحيى يَا أمير المؤمنين جبرائيل طبه رومي