الغضب وحسست بِهِ فضع فِي نفسك قبل أن يشتد ويقوى ويخرج الأمر من يدك أن تؤخر العقوبة إِلَى غد واثقاً بأم مَا تريد أن تعمله فِي الوقت لا يفوتك عمله فِي غد وَقَدْ قيل من لَمْ يخف فوتاً حلم فإنك إِذَا فعلت ذَلِكَ ذهب السكر وتمكنت من العقل والرأي الصحيح وَقَدْ قيل أصح مَا يكون الإنسان رأياً إِذَا استدبر ليله واستقبل نهاره فإذا صحوت من سكرك الغضبى فتأمل الَّذِي أغضبك ولا تشف غضبك بما يؤتمك فقد قيل مَا شفى غيظه من إثم بذنبه واذكر قدرة الله عَلَيْكَ وإنك محتاج إِلَى عفوه ورحمته وخاصة فِي أوقات الشدائد واذكر دائماً قوله تعالى وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم وقوله تعالى وإن تعفوا أقرب للتقوى فإن أوجبت الحال العفو فاعف وإن أوجبت العقوبة كَانَ الأمر إِلَيْكَ ولا تتجاوز قدر العقوبة فِي الذنب فيذهب ويقبح فِي الناس ذكرك وإذا أخذت نفسك بهذه مرة وثانية وثالثة صارت بعد ذَلِكَ سجية لَكَ وعادة فاستحسن بحكم ذَلِكَ منه وَلَمْ يزل يصلح أخلاقه شيئاً فشيئاً حَتَّى صلحت واستقامت واستطابت فعل الخير ودفع الظلم والجور وبأن لَهُ أن العدل أربح للسلطان فعمل بواسط وقت المجاعة دار ضيافة وببغداد مارستانا وأكرم سناناً غاية الإكرام وعظمة نهاية التعظيم.

وَكَانَتْ منزلة سنان كبيرة عند المراء والوزراء فمن ذَلِكَ أن الوزير علي بن عيسى بن الجراح وقع إِلَيْهِ فِي سنة كثرت فِيهَا الأمراض والوباء توقيعاً نسخته فكبرت مد الله فِي عمرك فِي أمر من فِي الحبوس وانهم لا يخلون مع كثرة عددهم وجفاء أماكنهم أن تنالهم الأمراض وهم معوقين من التصرف فِي منافعهم ولقاء من يشاورونه من الأطباء فِي أمراضهم فينبغي أكرمك الله أن تفرد لهم أطباء يدخلون إليهم فِي كل يوم ويحملون معهم الأدوية والأشربة وَمَا يحتاجون إِلَيْهِ من المزورات وتتقدم إليهم بأن يدخلوا سائر الحبوس ويعالجوا من فِيهَا من المرضى ويريحوا عالمهم فيما يصفونه لهم إن شاء الله تعالى ففعل سنان ذَلِكَ ثُمَّ وقع إِلَيْهِ توقيعاً آخر فكرت فيمن بالسواد من أهله وأنه لا يخلو من أن يكون فِيهِ مرضى لا يشرف متطبب عليهم لخلو السواد من الأطباء فتقدم مد الله فِي عمرك بإنفاذ متطببين وخزانة من الأدوية والأشربة يطوفون فِي السواد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015