يوماً يأكل، فلمّا رفعت المائدة، وغسل يده، رأى على ثوبه نقطةً صفراء من الحلواء التي كان يأكلها، ففتح الدواة، واستمد منها، ونقطها على الصفرة حتى لم يبق لها أثرٌ، وقال: ذلك عيبٌ، وهذا أثر صناعةٍ؛ ثم أنشد:
(إنّما الزّعفران عطر العذارى ... ومداد الدّوي عطر الرجال)
139 - قال السلامي الشاعر: دخلت على عضد الدولة، فمدحته، فأجزل عطيّتي من الثياب والدّنانير، وبين يديه جامٌ، فرآني ألحظه، فرمى به إليّ، وقال: خذه؛ فقلت: وكل خيرٍ عندنا من عنده؛ فقال عضد الدولة: ذاك أبوك {فبقيت متحيّراً لا أدري ما أراد؛ فجئت أستاذا لي، فشرحت له الحال؛ فقال: ويحك} قد أخطأت خطيئة عظيمةً، لأن هذه الكلمة لأبي نواس يصف كلباً حيث يقول:
(أنعت كلباً أهله في كدّه ... قد سعدت جدودهم بجدّه)
((وكل خيرٍ عندهم من عنده)
قال: فعدت متّشحاً بكساء، ووقفت بين يدي الملك أرعد، فقال: ما لك؟ قلت: حممت الساعة، قال: هل تعرف سبب حمّاك؟ قلت: نظرت في شعر أبي نواس، فحممت؛ قال: لا تخف، لا بأس عليك من هذه الحمى؛ فسجدت له، وانصرفت.
140 - قال يموت بن المزرّع: جلس الجمّاز يأكل على مائدةٍ