ومنه جزيرة بها مساكن وقباب بيض تلوح وتتزايا (?) للناس فيطمعون (2) فيها وكلما قربوا منها تباعدت منهم فلا يزالون كذلك حتى ييأسوا منها فينصرفوا عنها ويتصل هذا البحر بالواق، ويقول البحريون انهم لا يعرفون منتهاه غير أن أقصاه جبال تتوقد ناراً ليلا ونهاراً يسمع لها قواصف مثل قواصف الرعود من شدة التهابه، وربما سمعوا من تلك النار صوتاً عرفوه يدل على موت ملك من ملوكهم أو كبير من كبرائهم، وهذا الموضع لا يدرك قعره.
وبعد بحر الصنف الذي ذكرناه بحر الصين، وهو بحر خبيث بارد ليس في غيره من البحار مثل برده، ويقال: إن ريحه من قعره، ويقال إنه بحر
مسكون له أهل في بطن الماء.
واخبر الثقة من أصحاب البحر انهم يرونهم إذا هاج البحر في جوف الليل كهيئة الريح، ويطلعون إلى المراكب: وليس يكون ذلك الا عند هيجان البحر وذكر البحريون انهم لا يعرفون بعد بحر الصين بحرا يسلك، وهو بحر يغلي كما تغلي القماقم، وليس صفة ما به كسائر البحار وفي بحر الصين سمكة مثل الحراقة (3) يرمي بها الماء إلى الساحل، فإذا انجذر (4) الماء بقيت على الطين فلا تزال تضطرب مقدار نصف نهار، ثم تنسلخ في اضطرابها ذلك، فيخرج لها جناح فتستقل به فتطير وزعموا أن عرض بلاد الصين الذي تمر عليه المراكب ألف وخمسمائة فرسخ وفي هذا البحر يرى وجه عظيم على صور الناس إلا أنه أعظم منه، مستدير