من البحر عملوا لتلك المرآة عملا فألقت شعاعها إلى ذلك القاصد ومراكبه فأحرقتهم اجمعين، ولم تزل على حالها حتى غلب عليها البحر فهدمها.
ويقال ان منارة الاسكندرية إنما عملت تشبيها بها، وقد كانت أيضاً عليها مرآة يرى فيها من يقصدها من بلاد الروم، فاحتال عليها بعض الملوك، فوجه اليها من أزالها، وكانت من زجاجة مدبرة.
ولما حضرت مصرايم الوفاة عهد الى ابنه، وقد كان قسم أرض مصر بين بنيه فجعل نم قفط الى اسوان لقبطيم، وجعل لا شمون من أسوان الى منف، ولا بريت الحوف كله، ولصابي ناحية البحر إلى قرب برقة والغرب، فهو صاحب افريقية وولده الافارق، وأمر كل واححد من بنيه أن يبني مدينة لنفسه في موضعه وأمرهم عند موته أن يحفروا في الأرض سرباً ويفرشوه بالمرمر، ويدفنوه فيه ويدفنوا معه جميع ما في خزائنه من الذهب والفضة والجوهر.
ويزبروا على ذلك أسماء الله العظام المانعة من الحوادث.
فحفروا له سرباً، طولاً مائة وخمسون ذراعاً، وجعلوا في وسطه مجلسا مصحفا بصفائح الذهب، وجعلوا للمجلس أربعة أبواب على كل باب تمثال من ذهب عليه تاج مرصع بالجوهر، جالس على كرسي من ذهب قدامه آنية زبرجد، ونقشوا في صدر كل تمثال آيات مانعة، وأجلسوا جسده في مجلس زبرجد أخضر، وزبروا عليه " مات مصرايم بن بيصر بن حام بعد سبعمائة سنة مضت لايام الطوفان، مات ولم يعبد الأصنام، فصار الى حيث هو لا يوم هرم ولا سقم ولا حزن، وجعل جسده وماله في هذا السرب وحصنه باسماء الله العظام، وبما لا يصل اليه بعده إلا ملك له من جدوده سبعة ملوك يأتي في آخر الزمان، يدين للملك الديان، ويؤمن بالمبعوث بالقرآن، الداعي الى الايمان في عواقب الأزمان ".