يدخل منها النيل الى مكان يعنيه ثم يفيض الى موضع من أرض العرب وأرض الصعيد، وملأ تلك عجائب وطلسمات وأصناماً تنطق.
وحكي بعض القبط أن سوريد الملك لما أخبره منجموه بما أخبروه قال انظروا بلدنا هذا هل تلحقه آفة؟ فنظروا وقالوا يلحقه طوفان يأتي على أكثره، ويلحقه خراب يقيم فيه عدة سنين، ثم يغلب عليها العمران.
قال وكيف يكون خرابها؟ قال يقصدها ملك يقتل أهلها ويغنم مالها، قال ثم ماذا؟ قالوا يكون عمارتها [على يد] من قتله قال ثم ماذا؟ قالوا يقصدها قوم مشوهون من ناحية النيل فيملكون أكثرها قال ثم ماذا؟ قالوا انقطع نيلها وتخلو من أهلها، فأمر أن يكتب ذلك ويزبر على الاهرام والاسطوانات والحجارة العظيمة.
وذكر رجل من أهل المغرب ممن يختلف الى الواحات، ويحمل الاسماك إلى الواحات على جمل له أنه بات قرب الهرم، فما زال يسمع الضوضاء والغطغطة فهاله ذلك، وتباعد عن الهرم بجمله ذلك، فكان يرى حول الهرم شبه النيران تتألق، فلم يزل مذعوراً إلى أن غلبته عيناه فنام، فلما أصبح في الموضع الذي فيه السمك رأى سماكاً آخر بحياله موضوعاً فعجب من ذلك
وشد سمكه على جمله وكر راجعاً إلى الفسطاط، وحلف أن لا يقرب من الهرم بعد ذلك.
وأما البرابي فلها أخبار يطول ذكرها وشرحها، وتحكي القبط في أمور الروحانيين الغالبين على الاهرام والبرابي.
فذكروا أن روحاني الهرم الجنوبي في صورة امرأة عريانة مكشوفة الفرج حسناء لها ذؤابتان فإذا أردات أن تستهوي الانسان ضحكت في وجهه واجتلبته الى نفسها فيدنو اليها فتستهويه ويزول عقله ويهيم.