فقال له الملك: قصها عليّ يا فيلمون، قال: رأيت كأني قاعد (1) مع الملك على رأس المغار الذي في أشمون، وكأن الفلك قد انحط من موضعه، حتى قارب رؤسنا وكأن علينا كالقبة المحيطة بنا، وكأن الملك رافع (2) يديه إلى السماء، وكواكباً قد خالطتنا في صور شتى مختلفة، وكأن الناس يستغيثون بالملك وقد انجفلوا إلى قصره، وكأن الملك رافع (3) يديه إلى أن يبلغ رأسه، وأمرني أن أفعل مثل فعله، ونحن على وجل شديد إذ رأينا منه موضعاً قد انفتح وخرج منه ضياء يضئ، ثم طلعت علينا منه الشمس فكأنا استغثنا بها فخاطبتنا بأن الفلك سيعود إلى موضعه إذا مضت له ثلاث وستون دورة.
وهبط الفلك حتى كاد أن يلصق بالأرض ثم عاد الى موضعه، فانتبهت فزعاً.
فقال لهم الملك: خذوا ارتفاع الكواكب وانظروا هل من حادث، فبلغوا غايتهم في استقصاء ذلك، فأخبروه بأمر الطوفان، وبعده بالنار التي تحرق العالم.
فأمر الملك ببناء الأهرام، فلما تمت على ما دبروا حكمه، نقل اليها ما أحب من عجائبهم واموالهم واجساد ملوكهم، وأمر الكهان فزبروا (4) فيها علومهم، وحكمهم وأشرف ولد حام القبط والهند هم الحكماء.
وكان أول من ملك مصر قبل الطوفان بقراويس (5) وذلك أن بني آدم