كلامه جعل هو أذنه على ذلك الأنبوب، فيأتيه الجواب منه بكل ما يريده، فلم يزالوا مستعملين ذلك، الى أن خرب بخت نصر البلد.
وكان عرباق بن عيقام الملك قد تكهن بعد ابيه وعمل عجائب كثيرة، منها شجرة من صفر لها اغصان حديد بخطاطيف حادة، إذا تقرب الظالم الى الملك تقدمت اليه تلك الخطاطيف، وتعلقت به وشبكت يديه، ولم تفارقه
حتى يحدث عن نفسه بالصدق، ويعترف بظلمه، ويخرج من ظلامة خصمه.
ومنها صنم من صوان أسود سماه عبد أفرويس (1) أي عبد زحل، كانوا يختصمون اليه، فمن زاغ عن الحق ثبت مكانه، ولم يقدر على القيام حتى ينصف من نفسه، ولو أقام سنة او أكثر.
ومن كانت له حاجة منهم او طلب شيئاً عند ذلك الصنم، قام ليلا ونظر الى الكوكب، فذكر اسم عرباق وتضرع، فيصبح وقد وجد حاجته على باب منزله.
وكان ربما حملته أطيار عظام، وهو في مرتبته فيمر بهم وهم يرونه في الهواء فيزدادون له عبادة وهيبة، وربما علا على ناس منهم فملأ ماءهم من الاقذار، وسلط عليهم وحوش الارض وسباعها وهوامها.
وكان من كهانهم فيلمون، وقد ذكرنا خبره مع نوح عليه السلام، وكان منهم شيمون (2) وهو الذي كان يوقد النار، ويتكلم عليها، فتطلع منها صورة نارية، وكانت الكهانة عندهم عمل المعجزات، ولم يزل هذا كاهناً إلى وقت فرعون ملك مصر الذي كان الطوفان في أيامه، وكان يسكن الهرم المجوسي (3) وكان هيكل الكواكب، وكانت فيه صورتا الشمس والقمر (4)