الآخر طباخو أخيه هارون، وكان في حجر نصر الحاجب وكان بره به أكثر من الباقين بالأمراء الذين في حجورهم فدعا يوماً أخاه هارون إلى الثريا فشرب هارون وأحب أن يساعده فدخل النبيذ إلى أن غيره وكان يقرأ علي شعر أبي نواس في تلك الأيام فأنشدت معرضاً به بيتاً أبي ذؤيب:
إذَا رَأَتْنِي صَرِيعُ الْخَمْرِ يَوْماً فَرُعْتُهَا يُقْرآنَ إِنَّ الْخَمْرَ شَغْبٌ صِحَابُهَا
ففطن لما أردت، فقال لم أقرأتني بالأمس قول أبي نواس:
فَمَا الْعَيْشُ إلاًّ أَنْ تَرَانِيّ صَاحِياً وَمَا الْعَمْرُ إلاَّ أَنْ يُتَعْتِعَنِي الْسُّكْرُ
ثم قطع، وانصرف، فلما فرغ قلبه من أمر ابن الخال وجه إلى من ها هنا ممن جالس الخلفاء، وممن يصلح أن يجالسني؟ فوجهت إليه: إنه لم يبق ممن جالس الخلفاء غير إسحاق بن المعتمد، وها هنا من رسم بالمجالسة وما جالس بعد، مثل محمد بن عبد الله بن حمدون ومثل ابن المنجم. فقال: قد عزمت على الجلوس وتقدم بإحضار الجماعة، وأمر أن يكون فيهم أحمد بن محمد المعروف بالعروضي، واليزيديان إسحاق وعلي ابنا إبراهيم، وكانا يعلمان الجماعة الخط، وكان العروضي مرسوماً بتأديب أبي إسحاق المتقي بالله أمير المؤمنين، وأخيه علي رسمه بذلك والمعروف بابن غالب، وكانت رياسة التأديب إليه لأن الزجاج النحوي كان ندب لتأديب المقتدر بالله فاستخلفه فغلب على الأمر وحظي به دون الزجاج، ووهب له وأقطع لما ولي المقتدر وما أغناه وكفاه فرسم العروضي بهذين، ورسم أبا عبد الله محمد بن العباس اليزيدي بتأديب الراضي وأخيه