والمؤنسية والرجالة قد عزموا بأمر السلطان، فتنكروا لهم فخرج بدر ومن معه إلى الصحراء يوم الثلاثاء، لثلاث خلون من جمادى الأولى وقالوا كيف صار الساجية والحجرية يأخذون المال وقت استحقاقهم ونحن نؤخر بقسم المال بيننا! وصار الحجرية والساجية إلى الحلبة وأقاموا بها واستظهر السلطان بعض الاستظهار ببعض اليلبقية والهارونية وغلمان أم المقتدر. ثم إن الحجرية والساجية أخرجوهم عن الدار، وصار الخرشني إلى مسجد الجامع بالرصافة فضرب خيمة هناك وتبعه جعفر بن ورقاء ولؤلؤ وغيرهم.
وكان الراضي قد اختص جعفراً وشاوره فحسن أثره في رأيه وفضله. وقال الساجية والحجرية للراضي: قد أشاع الناس أنا محاصروك فأخرج فصل الجمعة بالناس ليزول ذلك. فخرج فصلى بالناس في مسجد الدار، وما علم به الناس. وقال للحجرية وللساجية أنتم خاصتي وثقاتي، وسفر جعفر بن ورقاء بين الناس فأصلح الأمر.
ووعد الناس بأن الخليفة يصلي بهم في الجمعة الثانية فما تخلف أحد، وما كنت أنا علمت بصلاته أول جمعة فحضرت في الثانية ووجدت إسحاق بن المعتمد حاضراً فدخلنا المقصورة وخرج الراضي فعلاً المنبر ووقعت عينه علينا فخطب فأوجز ونزل وصلى بالناس فقرأ سورة الجمعة في أول ركعة وفي الثانية سبح اسم ربك الأعلى أتم قراءة وأحسنها ودخل وانصرفنا. فابتدأت أعمل شعراً أصف فيه