في هذا الوقت محتاج إلى زكاة هذا المال وما عندي وجه لبعضه! والصواب إن صح هذا المال أن يمضي أمر هذا الرجل ويستكتبه وانصرف فجلس في منزله فكان الراضي بعد ذلك يقول لم يتحصل لنا من الخمسمائة ألف دينار درهم، وأخذ من أموالنا وأموال الناس مثلها.
واختير أبو علي محمد بن علي للوزارة يوم السبت لتسع خلون من جمادى الأولى، وخلع عليه وركب الناس معه إلى داره، ولقيني أبو سعيد ابن عمرو الكاتب - كاتب للراضي قبل الخلافة - وكان أخص الناس به فقال لي أمير المؤمنين قد أمرني بإعطائك عشرة آلاف درهم لتقسيمه وما عندي دراهم، فلا تلح علي ودعني أدفعها إليك في مرات قلت فعجل منها ما ترى فأعطاني ثلاثة آلاف درهم ووفانيها بعد شهرين.
وبلغ الراضي بالله أن هارون بن غريب خال المقتدر بالله مقبل إلى بغذاذ فكره ذلك وما كان بصافي النية له، لأن الراضي بالله كان في حجر مؤنس المظفر، وكان العباس بن المقتدر في حجر الخال ثم في حجر ابنه هارون بعده، فكان يتهمه بإيثاره عليه. ولأنه كان أيضاً منحرفاً عن جدته شغب أيام حياة أبيه، ثم رأيت من ذكره لها في خلافته وتحننه عليها ما كنت أسمع ضده منه في أيام إمارته، وكذلك عاد منه كل تشعيث كان قديما نفث به في أبيه مدحاً وتقريظاً، ووصف محاسن. وإني لأذكر يوماً في إمارته وهو يقرأ علي شيئاً من شعر بشار وبين يديه كتب لغة وكتب أخبار إذا جاء خدم من خدم جدته السيدة فاخذوا