أنه ما جلس مجلساً أكرم عشرة منه لعبيده، وأقبلنا عليهما فقلنا: أبقى لكما الآن شيء بعد هذا فقصرا عن كثير فعلهما ذلك مما تركاه في وقت: ومن كرمه أنه كان كلما أراد الشرب وضعت بين أيدينا صوان فيها خماسيات مطبوخ ومغاسل وكيزان ماء ليشرب كل واحد منا ما يريد، ولم يكن يفعل ذلك الخلفاء إلا خصوصاً بالواحد بعد الواحد، وبالجماعة في وقت من الدهر. وإن كان الخدم الشرابية يجيئون بالأَقْداح فيناولونها الجلساء فيشربونها ويردونها عليهم، وربما أرادوا من الخدم ماء لأقداحهم فيما كسونهم فيه، وكان يأمر بأن يوضع بين أيدينا الفواكه الرطبة واليابسة فننال منها كما ننال في بيوتنا، وما كانت الخلفاء تفعل بجلسائها ذلك إلا في الحين إن فعلوه.

وكان كثيراً يقول لكرمه ووفائه ومحبته أن يؤكل طعامه: أمر النبيذ إليكم اشربوا ما شئتم وأمر الأكل إلى لا بد من مطالبتكم به حتى تأكلوا معي، ويمدح من يزيد أكله بين يديه وينفعه ذلك عنده.

ولقد تعشينا ليلة بين يديه فجاءونا بخبز سيمذ كبار ما رأينا أحسن مما خبز فعزل العروضي رغيفاً وقال نوبتي في غد في بيتي، وقد استحسنت هذا الرغيف وأريد أكله في غد فاستبنت أنه قد سر لما فعل العروضي.

وجاءت جامات فيها بوارد فعزلت جاماً وقلت: ما ذقت والله أطيب من هذه الباردة وأنا كالشبعان وأريد أن آكلها في غد مع العروضي فإنا شريكان وفرغنا من الأكل وجلسنا ورفع الرغيف والجام، ثم وضع بين العروضي الرغيف بعينه وفوقه دراهم قد ملأته ووضع بين يديه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015