حُسْنُ رَأْيِ الْوَزِيرِ عَوَّض فيه ... فَهُو للْجُودِ الْمَكارمِ رَبُّ
وهي طويلة فجلس طويلاً، ثم أنشدني ما عمل ولم يقطعه بعد فإذا هو:
أُشهِدُ اللهَ أَنَّني بكَ صَبٌّ ... لِفَؤَادِي من شِدَّة الوَجْدِ وَجْبُ
حارَ في الجِسْمِ يَوْمَ ودَّعْتَ دَمْعٌ ... فاضَ منْهُ مَعَ التَّسُتُّرِ غَرْبُ
يا عَلِيلاً فَدَتْهُ مِنِّيَ نَفْسٌ ... بَيْنَ أَيْدِي الإِشْفاق والشَّوْقِ نَهْبُ
سَلَبَ الْقَلْبَ وَالْمُنَى وَافدُ السَّ ... نِّ وقَدْ كانَ قَبْلَهُ لِيَ قَلْبُ
إنْ أَمِتْهُ في هَواكَ قالمَوْتُ دائِي ... أَنْتَ فِي الْبُعْدِ للَّواحِظِ نُصْبُ
فَوَقَتْكَ الرَّدَى حُشَاشَةُ نَفْسٍ ... لَمْ يَجْرِها مِنَ التَّبَاعُدِ قُرْبُ
ثم قال لي قد أغرت عليك، فقلت له إن رأى سيدي أن ينعم على ويقطع علمه لهذا الأبيات، ففعل. ثم قال لي بعد عرفني بما أردت بقطعي الأبيات؟ قلت إن أبياتي جهدت نفسي حتى جاء تشبيهها كما وصفه سيدنا وترجل أبياتاً فينشدها الناس معها فيرون أبياتي أجود، وما أحب أن يرى الناس لعبد شيئاً أفضل مما يملكه مولاه من أشباهه.
وحدثني الراضي قال لما قتل القاهر مؤنساً وبليق وابن بليق أنفذ رءوسهم إلى مع الخدم يهددوني بذلك وأنا في حبسه لأني كنت في حجر مؤنس، ففطنت لما أراد قلت ليست إلا مغالطته، فسجدت شكراً لله وأظهرت للخدم من السرور ما حملهم على أن جعلوا التهدد بشارة